أنرضى بالهوان ونحن قوام ... ملأنا صفحة التأريخ فخرًا
وهذا بيت مستقيم اللفظ.
بلينا بالتخاصم وهو داءٌ ... عضال ينخر الأخلاق نخرًا
ولا أعلم «نخر» فعلاً متعديًا في اللغة، وإنما يقال نخر العظم: أي بلى، ونخرت العشية: أي تفتتت، ونخر الرجل ينخر نخيرًا، والنخير أخو الشخير. ولا تقل لي مثل هذا النقد «فقهي» - فهذا إما نظم بالعربية الفصيحة وإما بسواها. فإن كان بالفصيحة وهذا ما يزعم مؤلفه وناقدوه فاللحن فيها في نحو أو صرف هجنة لا تغتفر. ثم قال:
فأنهكنا وغادرنا شعوبًا ... ممزقة تجر الغل جرا
وهذا تخليط- إذ ليس بعد التمزيق إلا البلى المحض. ومثل هذا الكلام قد يقبل من تلميذ يعالج الشعر. أما من شاب أو كهل يجسر على نشر شعره فلا.
ونحن أمام غاصبنا سجود ... ننفذ أمره سرًا وجهرًا
فهذا كلام «ساذج» شبيه بكلام الصحف الركيك، لا سيما قوله «ننفذ أمره».
وآبدة الأوابد قول إلياس:
قيود الذل فلتكسر ويكفي ... على حمل الأذى والذل صبرا
ولا أدري ما معنى قوله «صبرًا» ولا موقعه من الأعراب -وكأنه أراد أن يقول وكفانا ما صبرناه على الأذى إلخ- وعلى هذا فالواجب رفع الصبر، ونصبه لحن. ويزيد هذا اللحن قبحًا، وقوعه بعد قوله «قيود الذل فلتكسر» وهو تركيب قديم المنحى، مثله قول الآخر: