الإنجليزي الحديث، ومن شعراء تلك اللغة المبرزين. ففي هذا الكتاب يدكر "داي لويس" بكل وضوح، أن من الشعر الإنجليزي ما عماده الجناس لا الوزن المقطعي، ولا المقطعي الاتكازي، ويذكر مفصلًا جميع ما أجملناه آنفا، ويتعرض لشعر هو بكنز، ومع إعجابه به، لا يفوته أن يأخذ عليه أن الوزن الذي سلكه يذهب مرة واحدة بعنصر الـ counterpoint الذي هو زينة الأوزان التي تراعي التفاعل المتوازنة. وأقول هذا. وأمل أن يكون فيه دلالة واضحة على فساد ما ذكره الدكتور مندور (١)، ثم آمل بعد، أن يكون القارئ الكريم قد تفطن إلى ما للجناس الحرفي (من حيث هو) من خطورة، ومن أثر بليغ في إسباغ الجرس والموسيقا والدندنة على الشعر، وأن يكون قد تبين إلى أي مدى قد غفل نقاد العربية، حين لم يفردوا له فصلا قائمًا بذاته، كما قد أفردوا لأنواع الجناس الأخرى ولسائر المحسنات البديعية.
[السجعي الاشتقاقي]
وهو هذا الذي أخرجه العسكري والرماني وابن رشيق من باب الجناس، وجعلوه تصرفًا؛ وقد أقر ابن رشيق نفسه أن الشعراء يعدونه جناسًا برغم ما يقوله النقاد، ويتعاطونه وقد استشهدنا على نحو منه بقول أبي تمام:
أرامة كنت مرتع كل ريم ... لو استأنست بالأنس المقيم
والشاهد في قوله:"لو استأنست بالأنس" ومن شاء عد هذا الصنف من باب التكرار ولا خلاف، فإن الجناس كما قدمنا ضرب من التكرار.
غير أني أرى أن المشتقات القريبة من الأصل في حروفها، نحو فتوح وتفتح وفتح، أحق بأن تجعل في باب التكرار، من المشتقات البعيدة، مثل فتح واسنفتح ومفاتيح، فهذه أدخل في باب الجناس. مثلًا قول أبي تمام:
(١) راجع الفصل الذي كتبه داي لويس عن هبكنر في الكتاب المذكور، وعن أوين أيضًا، ولو كانت نسخة الكتاب عندي لذكرت الصفحة.