للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن عبدة بن الطيب لم يقو في قوله:

ينحزن من بين محجون ومركول (١)

والقصيدة من روي "بانت سعاد".

وقد أحس علماء الشعر بجمال قوافي المولدين والمجودين من الإسلاميين مثل القطامي وذي الرمة، فأرادوا أن يبالغوا في هذا التحسين بزيادة القيود وحث الشعراء على أن يلتزموا الإعراب حتى في القوافي المقيدة (الساكنة). ومثل هذا الالتزام عسير جدًا. وقد كان الشعراء أحكم وأعقل من أن يأبهوا له أو يعيروه نظرة، ولو قد فعلوا لكان النظم في القوافي المقيدة من أشق الأشياء، ولصعب على أبي الطيب مثلًا أن ينظم قصيدته:

أزائر يا خيال أم عائد ... أم عند مولاك أنني راقد (٢)

وهي كلمة لو أطلقت قوافيها لاختلفت حركات الإعراب فيها أشد اختلاف، لأن فيها نحو: "وانثني راشد" و "ألصق ثديي بثديك الناهد".

[الإيطاء]

اصطلح العلماء على جواز إعادة القافية بعينها بعد سبعة أبيات أو عشرة. وحظر الإيطاء على وجه العموم أمر يتقبله الذوق، لأن الذوق السليم يكره التكرار ما لم يدع إليه داع قوي، إلا أن الإصرار على الحظر في كل حالة وكل مناسبة، وبغض النظر عن مقتضيات الظروف التي تدعو إليه خطأ عظيم. وهاك على سبيل المثال قول الأعشى (ديوانه، جاير أوروبا سنة ١٩٢٧ ص ٣٣ - ٥١ إلى ٢٥٧):


(١) من قصيدته التي مطلعها "هل حبل خولة" رقم ٢٦ من شرح المفضليات للأنباري ص ٢٧٣.
(٢) ديوان المتنبي، (تحقيق الدكتور عزام، مصر- ١٩٤٤) ص ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>