للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتفظت به في شخص جليلة بنت مرة زوجة كليب، وأضفت عليها شيئًا من عرافة كساندارا بريام ومأساتها، إذ أنطقتها بنبوءة منذرة من الشعر حيث قالت:

يا قتيلاً قوض الدهر به ... سقف بيتي جميعًا من عل

وجعلت ابنها الهجرس يقتل أخاها جساسًا حين شب، على مذهب العرب في الثأر وعلى مذهب المأساة في الأساطير.

وهذا بعد باب يطول. وإنما أوردناه تفريعًا مما سبق وتذييلاً له. والآن نأخذ في عرض أمثلة من بعض ما صنعه العرب في باب تماثيل البيان.

[الخمصانة]

وهي ضربان كاسية ومتجردة، وبين ذلك نماذج مما يتيحه افتنان الشاعر وأربه. ومن أمثلة الكاسية مهفهفة امرئ القيس في المعلقة التي استشهدنا ببيتها من قبل. وامرؤ القيس مما يمهد له يريد تخصيص نعته بصور تباينه لتكون المباينة أدل على مراده وأبلغ في إظهاره. وهذا من افتنانه وحذقه وقوة أخذه من مذاهب الأداء والبيان. وقد كان هو السابق المجلي غير مدافع.

مهد أول شيء بوقفته واستيقافه المشهور ولانريد أن نطيل عند هذا وحسبنا أن نشير إلى أنه دليل التحسر والشوق إلى الماضي الذي تصرم وقد ذكر صاحب الخزانة ما ينبئ أن امرأ القيس إنما نظم المعلقة وأخواتها الروائع بعد ذهاب الصبا وإقبال ما أقبل عليه من صرف الكهولة والنوى في خبره المعروف.

ثم ذكر عهد أم الحويرث وأم الرباب، وظاهر السياق أنه نال لديهما لهوًا ونعماء، قال:

كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل

إذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

<<  <  ج: ص:  >  >>