للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقدمت لم تر للحمية مصدرًا ... عنها ولم ير فيك قرنك موردا

لما زهدت في جمع الغنى ... ولقد رغبت فكنت فيه أزهدا

فالمال أني ملت ليس بسالمٍ ... من بطش كفك مُصلحا أو مفسدا

ولا يخفى كل ما في هذا من التصيد العقلي للصور التي يمكن استخدامها في خلق مقابلات لفظية. ونحو هذا كثير في شعر حبيب البحتري والذين جاءوا بعدهم، واتبعوا أسلوبهم. وهو يقوى ما ذكرناه من قبل، من استحواذ الذوق الزخرفي (الأربسكي) على نفوس المحدثين، وشدة عبثه بأساليبهم. ولعل أبا الطيب المتنبي، وحده شذ عن هذه القاعدة، ونظر في مطابقاته إلى الأسلوب القديم. وسنتحدث عن سر هذا من طريقته في باب التقسيم إن شاء الله.

[خلاصة]

١ - كان القدماء يعنون بالطباق هذه الأشياء المتوازنة الكثيرة التي ترد في الشعر، مثل مقابلة الأضداد، ومقابلة المنفي، بغير المنفي ووضع تركيب مكان تركيب.

٢ - بوب النقاد المتأخرون هذه الأشياء التي كانت تعرف باسم المطابقة، أبوابًا كثيرة، جعلوا الطباق احدها، وحدّوه بأنه الجمع بين الشيء وضده. وجعلوا المقابلة قسمًا آخر وحدوها بأنها إعطاء كل شيء حكمه، بما يوافقه أو يخالفه. وأضاف ابن رشيق إلى هذا التعريف عدم اشتراط الموافقة والمخالفة.

٣ - يؤخذ على المتأخرين أنهم اضطربوا في التفرقة بين الطباق والمقابلة، كما قد اضطربوا في تعريف الطباق نفسه.

٤ - عرفنا الطباق بأنه مباراة كلام سابق بما يناقضه، على سبيل التكرار المضمر أو الظاهر، بواسطة النفي المضمر أو الظاهر؛ فمثال التكرار المضمر: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>