للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة عن النظم]

حين وضحنا رأينا في ارتباط التقسيم والموازنة، وتساوقهما إلى أن ظهر الوزن التام، ثم افتراقهما بعد ذلك، ذكرنا ستة أطوار "راجع الباب السابق"، رجحنا أنها هي المراحل التي مر بها نظم الكلام العربي من الموازنة اللفظية، إلى الصياغة البحرية القافوية المحكمة. وبين هذه المراحل، مرحلة مهمة جدًا، لم نطل الوقوف عندها، لأن منهج بحثنا، وسياق كلامنا، كان يقتضينا ألا نتريث ريثًا يبعد القارئ عن غرضنا الذي سقنا الكلام له من أجله (وهو صلة الموازنة بالتقسيم). هذه المرحلة المهمة هي المرحلة الخامسة، التي انتقل أسلوب النظم فيها من السجع الموزون إلى التسميط المحكم، وقد قلنا عنها في حديثنا السابق: إن الناظم بعد أن عرف الأسجاع الموزونة، "اهتدي إلى أولي خطوات الوزن الرصين. وما هو إلا قليل، حتى جعل يعمد إلى التسميط، كلما جاء بأسجاع ثلاثة متوازنة، أتبعها سجعة تخالفها، وتوافق أخر تقع في موقعها، بعد ثلاثة أقسام مسجوعة تالية. وليس لدينا من هذا النوع شيء نستشهد به. ولكن لدينا أشعارًا تحمل أثاره قوية واضحة" (١) ...

ثم ذكرنا من هذه الآثار أبيات الهذليين والخنساء.

ولعل القارئ يكون قد حدس من كلامنا هذا، أن المرحلة الخامسة في تطور النظم العربي، يمكننا أن نستدل عليها، بما وصلنا بعدها من شعر هذيل والخنساء، وبعض تقسيمات امرئ القيس بن حجر، مثل قوله:

بلاد عريضة، وأرض أريضة ... مدافع غيث، في فضاٍء عريض


(١))) راجع قبله ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>