رأى عبد قيس خفقة شورت بها ... يدا قابس ألوى بها ثم أخمدا
أعد نظرًا يا عبد قيس فربما ... أضاءت لك النار الحمار المُقيدا
وإنما قال الفرزدق هذا ليهزأ بنسيب جرير حيث قال:
أقول له يا عبد قيس صبابة ... بأي ترى مُستوقد النار أوقدا
فقال أرى نارًا يشب وقودها ... بحيث استفاض الجزع شيحًا وغرقدًا
أحب ثرى نجد وبالغور حاجة ... فغار الهوى يا عبد قيس وأنجدا
وقد رأيت من مذهب المولدين في النار قول المعري، وليس ذلك بكثير ومنه أيضًا قول السهر وردي:
لمعت نارهم وقد عسعس الليـ ... ـل ومل الحادي وحار الدليل
وجريان كل هذا على معنى الصبابة لا يخفى، والحديث في ذلك مما يستفيض.
[الحمامة والحنين]
ومن رموز الشوق والحنين الحمامة، ورمزية الحمامة كما وقعت في ضروب الشعر العربي، متعددة الجوانب كثيرة الأصول والفروع. ذلك بأن الحمامة رمز للمأوى ورمز للورد ورمز للنظر ورمز للخصوبة والأنوثة والوداعة ثم هي رمز للحزن والشوق والصبابة والبكاء ثم هي رمز للألفة للمشهور من تألف الحمام. وقد نعلم ما تلهج به العامة من نوح الحمام. ومن شعراء العصر أحسبه مُهاجرًا لُبنانيًا من يقول: