أما الوزن فهو الخاصة التي يميز بها الشعر ويعرف في أساليب العربية ومن النقاد من يمدح الشعر ويحسب بذلك أنه يعرفه كالذي يصنعه كثير من المعاصرين حين يتحدثون عن الشعر أنه خلق وإبداع (١) ورؤيا وقفزة ودفقة ووثبة وانتفاضة وبعض الألفاظ التي يتحدثون بها عن الشعر مستعارة من أصل كلمة بويتري Poetry وهي في الاشتقاق، ذكر ذلك معجم اكسفورد، من «بويو» Poieo اليونانية ومعناها يصنع. وبعض هذه الألفاظ مستعار من النقاد الغربيين من كلامهم في معرض الدفاع عن الشعر والتصدي لمذاهبه مثل دفاع شيلي ومقدمة وردزورث وكلاهما من كبار شعراء الحركة الرومانتيكية الإنجليز. وشبه كارلايل بطولة الشاعر ببطولة النبي في كتابه عن الأبطال وقدسية البطل، كلاهما فيما زعم يخترق الحجب إلى السر المكشوف ويراه حين لا يراه الآخرون، وزعم أن الفرق بينهما هو أن النبي يشرع الشريعة ويهدي ولكن الشاعر يبين الجمال ويتغنى بالحب، على أن هذه أمور تتداخل.
وقد مدح القدماء الشعر فنسب إليه أرسطو طاليس في ما نقلوا، في معرض الرد على أفلاطون أنه يطهر النفوس من أدرانها بما يتيح لها من التنفيس حين تنفعل بالبكاء ونحوه لفجائع المأساة وبالانشراح والضحك ونحو ذلك عند هزل الملهاة وقد زعم أفلاطون أن الشعر يسلب المرء ضبط النفس فيبكي كالمرأة للمأساة ويضحك مسرورًا راضيًّا عندما ينبغي أن يخجل من مثله ويندى له جبينه. وتبع لونجينس صاحب رسالة شرف المعنى. (وهو ناقد مجهول الشخصية، وزعم بعضهم أنه كان من أهل تدمر في القرن الثالث الميلادي) تبع جانبًا من مذهب أرسطو طاليس حيث ذكر أن جيد الشعر ينبغي أن يسمو بالنفوس إلى شرف من المعاني.
(١) () فكرة الخلق والإبداع فلسفية أصلها من قدامة وأصل كلام قدامة يوناني مداره على الهيولي والصورة، والفكرة غير مقبولة لا في الإسلام ولا في عرف العربية.