للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقفة مع المرزوقي]

ذلك بأن المرزوقي قد جعل لعموده أبوابًا فدل بذلك على أنه وجه يعمد إليه ومقاصد يقصد نحوها، إذ لا يحسن للعمود أن نزعم أن له أبوابًا إلا على هذا المعنى. ومن قال إن العمود يدل على الخيمة والخيمة لها أبواب فقد تكلف. والمرزوقي رحمه الله مما يتكلف، غير أنه لا يبلغ به ذلك هذا الحد. وقوله: «عمود الشعر المعروف عند العرب» (١) أشبه بالمعنى الذي قدمنا أي مقصد الشعر المعروف عند العرب. وإليك بعد أهم ما قاله: «فالواجب أن يتبين ما هو عمود الشعر المعروف عند العرب، ليتميز تليد الصنعة من الطريف، وقديم نظام القريض من الحديث ولتعرف مواطئ أقدام المختارين فيما اختاروه، ومراسم أقدام المزيفين على ما زيفوه، ويعلم أيضًا فرق ما بين المصنوع والمطبوع، وفضيلة الاتي السمح على الأبي الصعب، فنقول وبالله التوفيق»:

«إنهم كانوا يحاولون شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف -ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال، وشوارد الأبيات- والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائها للقافية حتى لا منافرة بينهما- فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر، ولكل باب معيار. فعيار المعنى أن يعرض على العقل الصحيح والفهم الثاقب، فإذا انعطفت عليه جنبتنا القبول والاصطفاء مستأنسًا لقراءته، خرج وافيًّا وإلا انتقص


(١) () أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي المتوفي سنة ٤٢١ هـ- مقدمة شرح الحماسة، الطبعة الثانية، القاهرة- مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة ١٣٨٧ هـ- ١٩٦٧ م ص ٨ - ١١ من القسم الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>