بمقدار شوبه ووحشته. وعيار اللفظ الطبع والرواية والاستعمال، فلما سلم مما يهجنه عند العرض عليها فهو المختار المستقيم. وهذا في مفرداته وجملته مراعى؛ لأن اللفظة تستكرم بانفرادها، فإذا ضامها ما لا يوافقها عادت الجملة هجينًا. وعيار الإصابة في الوصف، الذكاء وحسن التمييز، فما وجداه صادقًا في العلوق ممازجًا في اللصوق، يتعسر الخروج عنه والتبرؤ منه، فذاك سيماء الإصابة فيه. ويروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في زهير: كان لا يمدح الرجل إلا بما يكون للرجال فتأمل هذا فإن تفسيره ما ذكرناه. وعيار المقاربة في التشبيه الفطنة وحسن التقدير، فأصدقه ما لا ينتقض عند العكس، وأحسنه ما أوقع بين شيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما ليبين وجه التشبيه بلا كلفة، إلا أن يكون المطلوب من التشبيه أشهر صفات المشبه به وأملكها له، لأنه حينئذ يدل على نفسه ويحميه من الغموض والالتباس. وقد قيل أقسام الشعر ثلاثة: مثل سائر، وتشبيه نادر واستعارة قريبة. وعيار التحام أجزاء النظم والتئامه على تخير من لذيذ الوزن، الطبع واللسان، فما بلم يتعثر الطبع بأبنيته وعقوده، ولم يتحبس اللسان في فصوله ووصوله، بل استمرا فيه واستسهلاه بلا ملال ولا كلال، فذاك يوشك أن يكون القصيدة منه كالبيت، والبيت كالكلمة تسالما لأجزائه وتقارنا، وألا يكون كما قيل فيه:
وشعر كبعر الكبش فرق بينه ... لسان دعي في القريض دخيل
وكما قال خلف:
وبعض قريض القوم أولاد علة ... يكد لسان الناطق المتحفظ
وكما قال رؤبة لابنه عقبة وقد عرض عليه شيئًا مما قال فقال: