مر على كتابة ما تقدم بعد هذه المراجعة له نيف وثلاثون عاما. وبدا لكاتب هذه السطور في بعض آرائه نظر جديد. مثلا نمي إلى علمي أن قدماء اليونان والفرس أخذوا كثيرا من علم الخيل وأسمائها عن العرب. وفي كتاب الزينة أن الفرس إنما أخذوا أوزان أشعارهم من العرب - والعرب أمة قديمة. ولعل العبرانية ما كانت إلا فرعا من العربية. وهنا نسأل، ألا يجوز أن يكون اليونان أنفسهم إنما أخذوا أوزانهم عن أصول عربية قديمة؟ وعلى هذا يصح وصف الجاحظ شعر العرب أنه انفرد بالوزن وأن الوزن فيه هو الشيء المعجز الذي يجعل ترجمته لا تستطاع؟
وأما القرآن فإن نظمه أكبر وأعظم وأخطر شأناً من أن يقال كان على نهج الموزانة أو شيئا من هذه البلاغات التي يتعاطاها الناس، إنه كلام الله المنزل القديم، {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: ٤٢] ولله الحمد أولا وأخيرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليمًا.
تمت المراجعة في الخرطوم الأحد ٢٢ من رجب ١٤٠٧، ٢٢ مارس ١٩٨٧