غدر؟ أم لا ينسبون لامية طويلية إلى أبي طالب، توشك، على ما داخلها من منحول، أن تبلغ مبلغاً حسناً، ولا شك أن عدداً من أبياتها صحيح؟ (السيرة? : ٢٨٦)
لقد كان المسرح مهيئاً لثورة دينية كبيرة، تهز هذا الرضا المشرك الذي عم الجزيرة العربية. وقد جعلت بوادر هذه الثورة تبرز دفعاً دفعاً، يحمل ألويتها هؤلاء الديانون، والمأهون، والأنبياء المضيعون، أمثال خالد بن سنان، ثم انفجرت في تيارها الذي اجتاح أمامه كل شيء، حين أسفر نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الإسلام، دين إبراهيم القديم، ويهيب بالناس إلى عبادة الله الواحد الفرد الصمد الذي لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك، ويحمل في بين يديه القرآن كتاباً عربياً مبيناً، يتحدى الفصحاء والبلغاء، ويهزأ بالكهان والشعراء، وإذا تأملت هذا الكتاب الأزلي القدمي، كما تأمله الوليد بن المغيرة وأبو جهل والنضر بن الحارث وصناديد صريش، وجدته كما وجدوه، ينكر الشعر، ولا يستعمل من أساليب النظم البلاغي، غير الموازنة، بإجمالها وتفصيلها، موافقتها ومخالفتها، وتدرجها وتبلجها تلك الموازنة التي نزلت بها ألواح موسى، ونطقت بيانها مزامير داود، وكان بها دعاء إبراهيم الخليل. إذ يرفع القواعد من البيت هو وإسماعيل، فهل عجيب أن بهرهم ودحرهم، وأن رأوا منه الإعجاز الذي ليس كمثله إعجاز!