للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشم شذى الأنفاس منك وفي غد ... سيرمي بنا البين المشت المراميا

وألثمه كيما أبرد غُلتي ... وهيهات لا تلقى مع النار راويًا (١)

فقبلت كفيه وقبلت ثغره ... وقبلت خديه وما زلت صاديًا

كأنا نذود البين بالقرب بيننا ... فنشتد من خوف الفراق تدانيًا

وأبيات القصيدة كلها حسن. وهي بلا ريب أميرة شعر الأستاذ العقاد. ومع أنها تنظر من بعد إلى قصيدة الحسحاسي (٢):

عميرة ودع إن تجهزت غاديًا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا

فإنها غاية في ذاتها ومن خير ما نظم المعاصرون في الطويل بعد كلمات البارودي.

[كلمة عن البسيط]

البسيط كما قدمنا أخو الطويل في الجلالة والروعة، إلا أن الطويل أعدل مزاجًا منه. ويُقصر بالبسيط أن فيه بقية من استفعالات الرجز ذات دندنة تمنع نغمه أن يكون خالص الاختفاء وراء كلام الشاعر، وكامل النزول منه بمنزلة الجو الموسيقي الذي يكون من الشعر كالإطار من الصورة. ولا يكاد روح البسيط يخلو


(١) قوله «راويا» فيه شيء من ضعف.
(٢) يخيل إلي -والله تعالى أعلم- أن المقتول سحيم آخر غير صاحب اليائية:
عميرة ودع إن تجهزت عاديًا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا
إذ هذا كما ترى قد جاوز عصر الشباب في زمان عمر والآخر جلب ليباع في خلافة عثمان بحسب ما رووا. ثم بين نفس اليائية والسينية والميمية تباين. شاعر اليائية صافي القريحة منتش بلذة الشعر يمازجه في ذلك بعض الأسى. وشاعر السينية والميمية محتدم عارم متصيد للذات فإنك بها لا يبالي.
وما أكثر ما كانت تتداخل أخبار الشعراء وما يروى لهم. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>