وكتاب قدامة وأبي هلال والمثل السائر، وإنما كان قولهم عمود الشعر كقولهم عمود كذا وكذا يعنون قوامه وما ينبغي أن يعمد إليه فيه وقولنا الصلاة عماد الدين ليس «عماد الدين» فيه اصطلاحًا للصلاة ولما ينبغي أن تكون عليه ولكنه وصف وتمثيل، وكذلك قولك عمود الشعر قال الجاحظ في الحيوان (ج ٦ - ٧٢ - ٧٣) الطبعة المصورة عن حيوان عبد السلام هرون في معرض الحديث عن الضب: «فأما ما ذكروا من أن للضب أيرين وللضبة حرين فهذا من العجب العجيب، ولم نجدهم يشكون وقد يختلفون ثم يرجعون إلى هذا العمود». أ. هـ. أي عامدين إلى هذا القول المتقدم. وفي البيان والتبيين ج ١ - ص ٣٤٠ «وكان خالد جميلًا ولم يكن بالطويل فقالت له امرأته إنك لجميل يا أبا صفوان قال وكيف تقولين هذا وما في عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه فقيل له وما عمود الجمال فقال الطول ولست بطويل ورداؤه البياض ولست بأبيض وبرنسه سواد الشعر وأنا أشمط ولكن قولي إنك مليح ظريف» أ. هـ. فالعمود والبرنس والرداء مع ما أضفن إليه ههنا لسن باصطلاحات ولكن هذه طريقة التعبير وعمود من أساليب البيان أي شيء يعمد إليه العامد من أساليب البيان.
قال الجاحظ في الجزء الرابع من الحيوان ص ٧٧ بمعرض تفسير قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} أن شحم الخنزير مرادٌ أيضًا بالتحريم: «فلما كان اللحم هو العمود الذي يقصد إليه إلخ» -وقالوا عمود الرواية أي ما يعتمد عليه منها، وما يعمد إليه منها. والأمثلة في هذا المجال كثيرة. وعلى هذا قولهم:«عمود الشعر» أي ما ينبغي أن يعمد إليه منه. فهذا ليس باصطلاح. فعسى ان يكف بعض القائلين من غربهم في هذا المجال وليس ما ذكره المرزوقي في مقدمته لشرح ديوان الحماسة بخارج في جملته عما ذكرناه.