تقول ابنتي حين جد الرحيل ... أرانا سواءً ومن قد يتم
أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخيرٍ إذا لم ترم
أي لم تبرح.
ويا أبتا لا تزل عندنا ... فإنا نخاف بأن تخترم
أرانا إذا أضمرتك البلا ... د نجفى وتقطع منا الرحم
أفي الطوف خفت علي الردى ... وكم من ردٍ أهله لم يرم
أي كم من هالك لم يفارق أهله.
فالفعل المضارع «ترم» و «يرم» مستعمل في قافيتي البيت الثاني والخامس، ولا يفصل بين هذين البيتين إلا بيتان اثنان. ومع ذلك فهذا الإيطاء ليس بمكروه موقعه في السمع. بل هو مناسب للمقام، وملائم جدًا لما سبقه من تكرار «أبانا» و «يا أبتا» و «عندنا».
فهذا يوضح لك ما ذكرته من أن الإيطاء، وإن كان في الكثير الغالب غير مقبول، قد يحسنه المقام المناسب له أحيانًا.
والغالب على نقاد الشعر أن يعيبوا تكرار الضمير المتصل في قوافي الشعر، وأن يشموا في تكراره نوعًا من الإيطاء، وإن كان تكراره في القوافي يجئ حسنًا أحيانًا، كما في قول ذي الأصبع (المفضليات ٣٢٥ - ٣٢٦):
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسبٍ ... عني ولا أنت دياني فتخزوني
ولا تقوت عيالي يوم مسغبة ... ولا بنفسك في العزاء تكفيني
فإن ترد عرض الدنيا بمنقصتي ... فإن ذلك مما ليس يشجيني
ولا يرى في غير الصبر منقصة ... وما سواه فإن الله يكفيني
إن الذي يقبض الدنيا ويبسطها ... إن كان أغناك عني سوف يغنيني