للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطار الجميل من الصورة، يزينها ولا يشغل الناظر عن حسنها شيئًا. والطويل في هذه الناحية يخالف سائر بحور الشعر. خذ قول متمم بن نويرة مثلاً (١).

وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا

وكنا كندماني جذيمة حقبةً ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

فلما تفارقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماعٍ لم نبت ليلةً معًا

تقول ابنة العمري مالك بعدما ... أراك حديثًا ناعم البال أفرعا

فقلت لها طول الأسى إذ سألتني ... ولوعة حزنٍ تترك الوجه أسفعا

وفقد بني أم تداعوا فلم أكن ... خلافهم أن أستكين وأضرعا (٢)

قعيدك ألا تُسمعيني ملامةً ... ولا تنكثي قرح الفؤاد فييجعا (٣)

وقصرك إني قد شهدت فلم أجد ... بكفي عنهم للمنيةِ مدفعا

أقول وقد لاح السنا في ربابه ... وغيث يسح الماء حتى ترفعا (٤)

سقى الله أرضًا حلها قبر مالك ... ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا (٥)

وآثر سيل الواديين بديمةٍ ... ترشح وسميًا من النبت خروعًا (٦)

فوالله ما أسقي الديار لحبها ... ولكني أُسقي الحبيب المودعا (٧)


(١) من قصيدته المشهورة المفضلية: لعمري وما دهري بتأبين مالك.
(٢) خلافهم: بعدهم.
(٣) قعيدك- أراد قعيدك الله، وهو بمعنى ناشدتك الله. وحذف اسم الجلالة لكثرة جريان هذا الحلف في كلامهم. واسم الجلالة في قولهم: قعيدك الله، وقعدك الله، يكون منصوبًا.
(٤) الرباب: هو السحاب الأبيض.
(٥) الذهاب: جمع ذهبة بكسر الذال على غير قياس.
(٦) وسميًا من النيت: أي نبتًا جديدًا يسم الأرض. وخروعًا: عنى لينًا، ولم يرد نبات الخروع بعينه.
(٧) أسقى بضم الهمزة (الفعل رباعي) أجود في الدعاء من الفعل الثلاثي «أسقي بفتحها». والفعلان قد يستعملان، وقد جاءا في قول لبيد:
سقى قومي بني مجدٍ وأسقى ... نُميرًا والقبائل من هلال

<<  <  ج: ص:  >  >>