للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا عن اللام والميم أنهما أحلى القوافي، وكذلك هما مع النون عدهن أبو نصر الفارابي من الحروف الممتدة بامتداد النغم ولا تبشعه، وقد ذكرنا عن النون انها في غير التشديد أسهل القوافي جميعًا، ومع عدنا العين في القوافي الذلل ذكرنا أن فيها عسرًا وكذلك في الحاء، وقد عدهما الفارابي مع الظاء مما يبشع مسموع النغم إذا اقترنت به (راجع الموسيقي الكبير ١٠٧٢ - ١٠٧٣)، فهذه الموافقة أو المقاربة لها من جانبنا ما أرشد إليها إلا الاستقراء بما نستطيع من الجد وطلب الموضوعية لا مجرد الأحكام الذاتية.

وق سبق التنبيه منا إلى أن القافية من معدن الوزن وليست بالمر المنفصل عنه. وتعريف الخليل للقافية أنها من آخر البيت إلى السكون والحرف المتحرك الذي قبله إيقاعي مدخل لها في حيز وزن البحر الذي هي قافيته. وليس خلاف أبي الحسن سعيد بن مسعدة بناقض هذا الذي ذهب إليه الخليل، إذ خلاف أبي الحسن لغوي لا إيقاعي، حيث ذكر أن القافية هي آخر كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأنها تقفو الكلام، وقد ذكر أن مثل «قليل» و «ذميم» و «تدور» قد تجري عندهم مجرى القوافي، قال في كتاب القوافي: «وسمعت الباء مع اللام والميم مع الراء كل هذا في قصيدة، قال الشاعر:

ألا قد أرى أن لم تكن أم مالك ... بملك يدي أن البقاء قليل

وقال فيها:

رأى من رفيقيه جفاء وبيعه ... إذا قام يبتاع القلاص ذميم

خليل حلا واتركا الرحل إنني ... بمهلكة والعاقبات تدور

فبيناه يشري رحلة قال قائل ... لمن جميل رخو الملاط نجيب

ولا يخفي أن المشترك بين هذه الألفاظ الواقعة موقع القوافي هو الوزن. وليرجع إلى كتاب القوافي لأبي الحسن فإنه ذكر منها ثلاثين أو تسعة وعشرين وزنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>