للانسجام من أقطاره. ففيها من أول من كل شيء انسجام بين الوزن المحض، والكلام المسرود فيه. ومن المعلوم ضرورة أنك لا تلقي هكذا:
صفح/ نا عن/ بني/ذهلن/ وقل/نا لقو/ م إخ/ وانو
وإنما تلقيه هكذا:
صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا: القوم إخوان
وقد يحملك طلب الخطابة والتأثير إلى أن تلقي البيت كله دفعة واحدة، من دون التفات إلى آخر الشطر الأول.
وفي غير العربية يكثر التضمين في الاشعار. ودونك مثالا على ذلك قول شكسبير:
Methought I heard a voice cry: sleep no more!
Macbeth does murder sleep the innocent sleep,
Sleep that knits up the ravell'd sleeve of care
The death of each day's life,sore labour's bath
Balm of hurt minds, great nature's second course
Chief nourisher in life's feast (١)
فهذا الكلام متداخل مضمن لا يلتفت فيه الشاعر إلى ختم كلامه عند نهاية البيت، وإنما يسترسل فيه استرسالا كأنه ينثر. ولا يمكن لمن ينقد مثل هذا الكلام أن يتجاهل أن ثم انسجامًا وائتلافًا بين الوزن المحض، وبين جمله وصياغتيه. وقد تنبه النقاد الإنجليز لهذه الظاهرة، في هذا الشعر وفي غيره، وسموها. counter-point
وهل هذه الكاونتر بوينت (المقابلة اللفظية) إلا نوع من الانسجام. فالعجب لكاتب مقال الشعر في الموسوعة البريطانية، كيف خفي عليه هذا!
ثم إن في موسيقا الشعر انسجامًا وائتلافًا آخر، غير هذا الذي ذكرناه. هو
(١) MACBETH-ACT ٢ scene ١.