للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يكون بين رنين الوزن ورنين اللفظ الملقي فيه. ولعله أن يتبادر إلى السامع أن هذا الانسجام والائتلاف هو عين الانسجام الأول الذي ذكرناه، وقلنا: إن النقاد الإنجليز يسمونه "كاونتر بوينت". والامر على خلاف ذلك. فالمقابلة التي بين الوزن المحض والقول المسرود، إنما هي مقابلة بين كم وكم، وبين كل وكل، هي مقابلة بين أزمان التفعيلات مجتمعة، وجملة الكلام الملقي فيها.

أما المقابلة الثانية، فهي بين نوع النغم المحض المصاحب لكم التفعيلات.

مثلا:

التفعيلات:

مستفعلن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

يصحبها نغم محض مغاير لذلك الذي يصحب التفعيلات.

(فاعلاتن فاعلاتن) ×٢

ولا يسبقن إليك أن هذا مجرد توهم وافتراض، وتجشم واقتيال. فالوزن من حيث هو كم، تغلب عليه الصبغة الزمانية. ولكن يصاحبه نغم مجرد، هو الذي يجعل له ثباتًا عندنا، وبه يصح قياسه عندنا. واللفظ من حيث كونه جملة واحدة، تغلب عليه الصبغة المكانية، ولكنه يصحبه وزن متوهم، وفيه بعد نغمات جزئية، ورنات تفصيلية، وأنت حين تقابل بين النغم المجرد الكامن في الوزن، والنغمات الجزئية التفصيلية، وعنصر الوزن الذي في جملة القول المسرود.

وهذه الناحية اللطيفة إن خفيت على النقاد، فإنها لم تخف على الشعراء، ومن أجلها حلوا كلامهم بالقوافي، والتمسوا له المحسنات من السجع والتجنيس والطباق. ألا ترى إلى القافية، كأنما هي واسطة بين نغم الوزن المجرد، وبين رنين

<<  <  ج: ص:  >  >>