للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر إلى جدله الرائع:

وأتانا من الحوادث والأنباء خطب نعني به ونساء

أن إخواننا الأراقم يغلو ... ن علينا في قيلهم إحفاء (١)

يخلطون البريء منا بذي الذنب ولا ينفع الخلي الخلاء

زعموا أن كل من ضرب العير موال لنا وأنا الولاء (٢)

عننا باطلًا وظلمًا كما تعتر عن حجرة الربيض الظباء (٣)

تأمل اتصال صدور الأبيات بأعجازها، وانظر إلى الجلبة والدندنة في البيت الأخير. وقد أحسن الأستاذ البهبيتي (لولا مبالغته) إذ يقول: "والحرث سيد شعراء الجاهلية جميعًا في القدرة الخارقة على استغلال موسيقا الألفاظ".

هذا ورأس الهمزيات التي جوريت بها معلقة الحرث في الإسلام (٤). طويلة ابن قيس الرقيات:

أقفرت من آل عبد شمس كداء ... فكدي فالركن فالبطحاء

وهي من القصائد المدرسيات المشهورة. وقد تخير منها أصحاب "كتاب المنتخب من أدب العرب" قطعة صالحة. وقد أثنى عليها الدكتور طه حسين في كتابه


(١) الأراقم: بنو تغلب. إحفاء: استقصاء وضرر، وأصله من إحفاء الشعر.
(٢) العير: اختلف في تفسيره. والمعنى: زعموا أن كل من ارتكب جريرة فهو منا. وقيل العير: الملك. وقيل هو حمار الوحش.
(٣) عننا باطلا: اعتراضا باطلا. نعتر: تذبح. الربيض: الشياء أو الضائن. وهذا كله من قبيل التهكم. وأصله أن العرب كانت يذبح اسمها العتيرة يضحى بها المرء إذا نذر أنه سيذبح من شياهه إذا بلغت كذا. وكان العرب إذا أراد تحليل نذره بدون أن يخسر شاه عمد إلى ظبي فرماه وضحى به عن شياهه.
(٤) لأبي زبيدة الطائي حمزية جاري بها الحارث. ذكرها صاحب الشعر والشعراء في ترجمته لا أدري إن كانت إسلامية أو جاهلية ــ راجع ص: ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>