للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث الأربعاء ثناء حسنًا، فأحسب (١) وهي بلا ريب من عيون الشعر العربي. وقد مزجت بين صلابة الأسر والرقة وصدق العاطفة وحرارتها. خذ منها على سبيل المثال:

حبذا العيش حين أهلي جميع ... لم تفرق قلوبها الأهواء

قبل أن تطمع القبائل في ملك قريش وتشمت الأعداء (٢)

إن تودع من البلاد قريش ... لا يكن بعدهم لحي بقاء

كيف نومي على الفراش ولما ... تشمل الشام غارة شعواء

تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ... عن براها العقيلة العذراء

إنما مصعب شهاب من الله تجلى عن نوره الظلماء

ملكه ملك قوة ليس فيه ... جبرت ترى ولا كبرياء

وهذا الكلام ثمد من بحر. وقد كان عبد الملك بن مروان من نقدة الكلام وصاغته، كما كان من أغير الناس وأحرصهم على ملك وتفرد بالسلطان. فلما بلغته هذه القصيدة مع نظائر لها دونها، أهدر دم ابن قبس الرقيات، ولم ينج الشاعر إلا بشفاعة ابن جعفر وقصيدته هو البائية:

عاد له من كثير الطرب ... فعينه بالدموع تنسكب

وهي من جيد الشعر. ومع جودتها فإن عبد الملك لم يرضها لأنه رآها دون الهمزية (٣) وقد تبع بشار طريق ابن قيس في همزيته المرفوعة (٤):

علليني يا عبد أنت الشفاء


(١) حديث الأربعاء: ٢٥٣. فأحسب فعل ماض رباعي أي فكفى.
(٢) هل غنى مقتل عثمان فقد كان عثمانيًا؟
(٣) الأغاني ٥: ٧٩.
(٤) ديوانه: ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>