للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت من أنتم فصدت وقالت ... أمبد سؤالك العالمينا

نحن من ساكني العراق وكنا ... قبله قاطنين مكة حينا

قد صدقناك إذا سألت فمن أنت عسى أن يجر شأن شنونا

ونرى أننا عرفناك بالنعت بظن وما قتلنا يقينا

بسواد الثنيتين ونعت ... قد نراه لناظر مستبينا (١)

وجلا بردها وقد حسرته ... نور بدر يضيء للناظرينا (٢)

ومثال ثالث قوله (٣):

من رسولي إلى الثريا بأني ... ضقت ذرعًا بهجرها والكتاب

أبرزوها مثل المهاة تهادى ... بين خمس كواعب أتراب

وهي مكنونة تحير منها ... في أديم الخدين ماء الشباب

ثم قالوا تحبها قلت بهرا ... عدد النجم والحصى والتراب (٤)

وقد اتبع متحضر وبغداد مذهب ابن أبي ربيعة، ثم جاء بعدهم الطائيان فلم يتنكبا هذا البحر كما تنكبا كثيرًا غيره من بحور التغني، إذ قد وجدا في رصانة نغمة ما يتسع لجدهما وكذلك فعل المتنبي وأبو العلاء وما بعدهما إلى عصرنا هذا، فخفيفيات


(١) الأغاني ١: ٢١٤ - ٢١٥. قوله مقصد: أي أقصده سهم الهوى- أصابه وقوله أمبد إلخ: أي أمبدد سؤالك في العالمين، أسائل كل إنسان تراه من أنتم؟ - تقول: أبده النظر: أي فرق فيه النظر، ومنه قول الشاعر: "فأبدهن حتوفهن"- (آخر المفضليات).
(٢) كانت لأبي ربيعة ثنيتان سوداوان من لطمة لطمته إياها الثريا، وهجاه الحزين الكناني فقال:
ألطمة من فتاة كنت تألفها ... أم نالها وسط سرب صدمة الكاس
وما أسمج الحزين!
(٣) هذا البيت أخذناه من الأغاني ١: ٢٢٠.
(٤) نفسه ١: ٢٢٢.
(٥) بهرا: أي حبًا يبهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>