والغربيات الإفرنجيات، يضعن الحمرة على الشفاه. والشرقيات يتحلين بالذهب، ويخضبن بالحناء، وبعض الزنجيات يثقبن شفاههن حتى تصير كمشافر البعران. وما زالت الموسى تجري في خدود الحسناوات من السودان منذ دهر بعيد. وقل ان تجد قومًا ألفوا عادة، يستحسنون غيرها، فالزنجية ذات المشفر المثقوب، كريهة المنظرة عند البجاوية ذات الأنف الذي فيه البرة. والهندية التي ترسل شعرها طويلا متدليا، وتكشف عن ساعد، وتضع على جبهتها نقطة حمراء، سمجة الصورة في عين أمثال مارلين مونرو، ممن يصففن الجمم، ويرسمن الحواجب بالقلم.
وبعد أيها القارئ، فلعل هذه الأمثلة توضح لك أن التحسين والتزيين أمر نسبي للغاية. وأزيدك إيضاحا: فالمرأة الجميلة التي لا تعمد إلى نوع من التحسين والحلي، ولا تغير صورتها التي براها عليها خالقها بأي
تغيير، مقبولة عند أكثر أجيال الناس. نعم، قد تقول لها بعض نساء الزنج: هلا ثقبت شفتك وضخمتها يا هذه؟
وقد تقول لها بعض الهنديات: هلا تحليت الذهب ونقطت الجبهة؟ وقد تقول لها بعض المصريات: اسم الله على هذا الحنك، لو جعلت عليه سمة خضراء تصير لها جميع القلوب هواء؟ وربما رغبت بعض قهرمانات السودان النيلي في تشليخها، وفيما هو شر من ذلك، لو قد وجدن إليه سبيلا. ولكنهن جميعا قد يحسدنها في السر على سلامة بشرتها من الصنعة والتغيير.
وكذلك الأسلوب والتعبير، فالايجاز هو المقياس الصحيح لجمال اللفظ وصورته وجرسه. وما من لفظ أدي المعني أداء تاما من دون زوائد، ألا كان خاليا من العيب، لا تنقصه من آلة الجمال الا الزينة التي هي موضع جدل وخلاف، كما أن قيمتها نسيبة إلى حد بعيد، بحيث لا يدري أهي، في الحقيقة، قبح أم حسن.
وحد الإيجاز ان يكون اللفظ مقتصدا فيه اقتصادا لا يخل بالغرض، ولا تنفعه الزيادة. ومهما من تعبير أوجز فيه صانعه، واستوفى الغرض، إلا كان جرسه