فهذا مع الحرمان طعام وبيل، والهجر طعام وبيل، فإن لم يكن بد من إحدى الخطتين فالهجر منه ومنها:
وما كان أكثر ما زودت ... من النيل إلا صفاحا وقيلا
إي إعراضا وكلاما- مغالطة أو نحو ذلك.
وإذن فهي الحرب. ولابد لذلك من عدته، رماحا طوالا، وخيلا جيادا ودروعا وسيوفا. ومن أكمل عدته وأبدى الحزم هيب جانبه- ثم نصحهم أن يلزموا جانب العدل حتى لا يجر البغي عليهم وبالا، وهذا متضمن في زعمه أن الخطتين اللتين خيروا؛
... كلتاهما جعلوها عدولا
أي جوار وعدولا عن الحق. فأنتم يا قوم فلا تعدلوا عن الحق فالبغي مرتعه وخيم.
هذا الروح هو نفسه الذي نجده عند ابن أخته:
فلا تكمن الله ما في نفوسكم ... ليخفي ومهما يكتم الله يعلم
فهذا قولنا من قبل إن بشامة أستاذ زهير، وذلك أقرب من أن نقول إن زهيرا من المدرسة الأوسية، وإن يك أوس تزوج أمه وهو قد روى منه، ذلك بأن أصل أخذه وتلمذته هو بشامة وعلى هذا قول الرواة
وقوله:
فأنكم وعطاء الرهان ... إذا جرت الحرب جلا جليلا
كثوب ابن بيض وقاهم به ... فسد على السالكين السبيلا
تقوية لما تقدم من معنى الاستعداد ولزوم جانب الجد والحزم مع تجنب البغي والجل كساء الجواد، فجعل مد الحرب غبارها وشرها جلا جليلا، فإذا حدث هذا فإن الحلف الذي عقدتموه مع الحصين بن الحمام المري والرهان الذي أعطاكموه، قالوا رهنهم ابنه، عدة لكم جسيمة لمكان الحصين ومكان بني مرة في غطفان، فهذا كثوب ابن بيض الذي جعله وقاية له من شر لقمان. وضرب بشامة ذلك مثلا. وزهير كخاله مما يضرب الأمثال.