للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال طرفة:

كما أحرزت أسماء قلب مُرقش ... بحب كلمع البرق لاحت مخايله

وقال امرؤ القيس:

نشيم بروق المُزن أين مصابه ... ولا شيء يشفي منك يا ابنة عفزرا

واجعل قوله في المعلقة:

أصاح ترى برقًا أريك وميضه ... كلمع اليدين في حبي مكلل

يضيء سناه أو مصابيح راهب ... أمال السليط بالذبال المُفتل

قعدت له وصحبتي بين ضارج ... وبين العُذيب بعد ما متأمل

على قطن بالشيم أيمن صوبه ... وأيسره على الستار فيذبل

فأضحى يسح الماء حول كتيفة ... يكب على الأذقان دوح الكنهبل

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ... ولا أطمًا إلا مشيدًا بجندل

كأن ثبيرًا في عرانين وبله ... كبير أناس في بجاد مُزمل

كأن ذرا رأس المُجيمر غُدوة ... من السيل والغثاء فلكة مغزل

كأن مكاكي الجواء غدية .. صبحن سلافًا من رحيق مفلفل

كأن السباع فيه غرقى عشية ... بأرجائه القصوى أنابيش عُنصل

من قبيل التفريع والتفصيل للمعنى الموجز الواضح الذي في قوله «نشيم بروق المزن أين مصابه» ذلك بأن أمرأ القيس في مستهل أبياته هذه إنما يصف برقًا بعيدًا جدًا، كبعد النار التي تنورها من أذرعات وهو بيثرب. ثم إن هذا البرق جعل يدنو من عدوته المقاربة للوهم بين ضارج والعذيب، حتى صار إلى الستار ويذبل، فرأى الشاعر صوبه وارتاح إليه وجعل ينعته النعت الدقيق. وكأن امرأ القيس قد احتال على شوقه وهيامه وحنينه ولاعج آماله المرموز إليه بالبرق البعيد حتى صير كل

<<  <  ج: ص:  >  >>