للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يؤيد ذلك، وعلى هذا يكون ابن الرومي قد أخطأ بصياغته هجاءه "وجهك يا عمرو" فيه، اللهم إلا أن يكون قد تعمد أن يسلك مسلك البداوة، وأنشد أبياته نشيدًا مع ترنم ليضفي عليها من جرس صوته هو ما ليس في جرس كلماتها.

ولأبي العلاء مقطوعات حسنة في هذا الوزن منها في "ملقى السبيل" (١):

يموت قوم وراء قوم ... ويثبت الأول العزيز

كم هلكت غادة كعاب ... وعمرت أمها العجوز

أحرزها الوالدان خوفًا ... والقبر حرز لها حريز

يجوز أن تبطيء المنايا ... والخلد في الدهر لا يجوز

ومنها في اللزوميات (٢):

أين امرؤ القيس والعذارى ... إذ مال من تحته الغبيط

له كميتان ذات كأس ... تزبد والسابح الربيط

استعجم العرب في الموامي ... بعدك واستعرب النبيط

وهذا يدلك على عميق ما كان يشعر به أبو العلاء من أسف على تضعضع العرب وفساد ملكتهم في السياسة واللغة أيضًا.

هذا، ومخلع البسيط له فرع غريب جدًا، وزنه:

متفعلن فاعلن فعل ... متفعلن فاعلن فعولن

أو:

مستفعلن فاعلن فعل ... متفعلن أو (مستفعلن) فاعلن فعولن

وجاء في كلمة مختارة في الحماسة لسلمي بين ربيعه (٣):

إن شواء ونشوة ... وخبب البازل الأمون (٤)

يجشمها المرء في الهوى مسافة الغائط البطين

والبيض يرفلن كالدمى ... في الريط والمذهب المصون (٥)

والكثر والخفض آمنا ... وشرع المزهر الحنون (٦)


(١) نشره كامل الكيلاني تحت عنوان دراسات ونصوص.
(٢) اللزميات ٢ - ٦٣.
(٣) الحماسة ٣ - ١٤٠ - ١٤٢ - قال التبريزي: "هذه الأبيات خارجة عن العروض التي وضعها الخليل ابن أحمد ومما وضعه سعيد بن مسعدة، وأقرب ما يقال فيها إنها تجيء على السادس من البسيط أ. هـ".
(٤) البازل: الناقة القوية. الأمون: المأمونة من العتار.
(٥) يرفلن يتبخترن، والريط: الملاء التي تلبسها النساء. والمذهب المصون: ضرب من الثياب المذهبة الفاخرة.
(٦) الكثر: الغنى. شرع المزهر: أوتاره، واحدها شرعة. وتأمل صفة المزهر بأنه حنون!

<<  <  ج: ص:  >  >>