للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونغمة الهزج تطلب قولا مرسلًا طيعًا تسيطر فكرة واحدة يتغنى بها الشاعر في غير تدقيق وتحقيق وتعقيد والتفاف، كهذا الكلام الذي أوردناه. وعندي أنه يصلح للقصص الخفيف الذي يراد منه الإمتاع، وأحسن أسلوب يرد فيه ما كان عماده على التعجب والاستثارة والتكرار وسرد الكلمات المتشابهة في الوزن والجرس. وربما تكون قد لاحظت نحوًا من ذلك في الأمثلة المتقدمة. وهاك قول الزماني (١)، زيادة في التوضيح:

صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا القوم أخوان

فلما صرح الشر ... فأمسى وهو عريان

شددنا شدة الليث ... غادا والليث غضبان

بضرب فيه توجيع ... وتفجيع وإقران

وطعن كفم الزق ... والزق ملآن

وبعض الحلم عند الجهـ ... ـل للذلة إذعان

وفي الشر نجاة حيـ ... ـن لا ينجيك إحسان

هذا وشعراء العصر يتعاطون هذا الوزن في كثير من موشحاتهم، وقد سبق أن ذكرت ذلك في "التمهيد". وعندي أنه أصلح الأوزان للقصص التعليمي المدرسي ذي الحوار ولا سيما أن وفق الناظم فجمع بين سهولة الألفاظ وسلاستها ووضوح معناها وحلاوة جرسها.

وقد حاولت -وأنا أتولى وضع منهج اللغة العربية للمدارس الوسطى بالسودان- نظم قصص هزجية من هذا النوع التعليمي، وجعلها من ضمن كتب المطالعة، بغرض تحبيب التلاميذ في الشعر وإعانتهم على تذوق موسيقاه ومجرى


(١) في الحماسة الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>