وإذ الشيء بالشيء يذكر فقد اتفق آنئذ أن قدم العقاد إلى الخرطوم. وكان رحمه الله كالمنفرد بين أكثر مفكري العرب ومثقفيهم المعدودين بكراهية هتلر وموسوليني ودكتاتوريتهما صريحا في مدح الديمقراطية وذم كل حكم مطلق. فكان بعض من لا يعلم صدقه وأصالته في ما كان يقول به يتهمه بما لا يجوز في حق مثله. ولم يخل العقاد رحمه الله حين قدم الخرطوم من استشعار تهيب لحرارة جوها وما كان يغلب على فهم أكثر الناس في بلاد العربية أن ثم توحشًا أو وحوشًا. وقد حمد العقاد أيامهم القليلة التي أقام بها إذ وجد حوله نخبة من الأدباء رواة شعره يحفظونه ويتغنون به ويفهمون معانيه فسره ذلك سرورًا عظيمًا.
هذا وكأخذ العقاد ما أخذه -إن كان قد فعل ذلك- من أندرو مار? ـيل وغيره من الميتافيزيقين وسواهم من شعراء الإنجليز، أخذ أندرو مار? ـيل وآخرون غيره من المتنبي ومن شعراء العرب، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وإلى الله المصير.
كلمة أندرو مارفيل التي عنوانها الحديقة The Garden أو أفكار في حديقة Thoughts in a Garden نصها كما يلي، -وهو هنا مأخوذ من المختارات التي يقال لها الخزينة الذهبية The Golden Treasury ورقمها ثم ١١١ ص ٩٢ من طبعة مطبعة جامعة أكسفورد سنة ١٩٦٤ وروجع على نص كتاب أكسفورد لشعراء القرن السابع عشر طبعة ١٩٦٨ م ص ٧٥١: