للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهابهن. وربما يحسن أن نستشهد في هذا الموضع بقصة صخر بن عمرو بن الشريد [ذكرها الميداني في أمثاله ج ٢ ص ٤٣] (١) إذ كان صخر طريح فراشه على شفا الموت، فسمع سائلا يسأل سليمى زوجته: "يباع الكفل؟ " فقالت: "نعم عما قليل".

هذا وفي الرثاء بعد تعمد من جهة الرائي أن يحاكي النساء، فيدعى حز الكبد وتفتت الأحشاء وتدفق الدموع، وانقصام الظهر إلى غير ذلك من المعاني التي تنسب في العادة إلى النساء دون الرجال.

وقد ألمعنا عما بين المناقضات والزفن الجنسي من قرابة، في كلامنا عن المنسرح القصير و"الجابودي". ونضيف هنا أنه لا يستبعد أن كثيرًا من الناقضات كانت تدفع إلى الجواري لينشدنها ويرقصن عليها. ومما يدل على هذا ما نجده في بعضها من إقذاع يندر في الشعر القديم، مثلا قول الجميح (٢):

أنتم بنو المرأة التي زعم النا ... س عليها في الغي ما زعموا

يمرج جار استها إذا ولدت ... يهدر من كل جانب خصم

وأمها خيرة النساء على ... ما خان منها الدحاق والأتم

فهذا لا يعقل أنه كان ينشده ناظمه، وهو من السادة، في ندى القوم ومجمع سراة الحي، وإنما المعقول أن يكون منشده جارية أو دنيئًا من الأدنياء.

هذا، والكلمات المنسرحيات التي تخرج عن الرثاء كما وصفناه، وعن المناقضات قلة نادرة، وليست ببعيدة الصلة -إن تأملناها- عن أحد هذين الغرضين.

خذ كلمة المهلهل:


(١) طبعة مصر ١٣٥٢ هـ.
(٢) المفضليات ٤٨ - س ١١ - ١٤ - هذا تهكم. الخصم بضمتين: الناحية. الأتم بتسكين التاء وتحرك في الضرورة: أن تكون المرأة مفضاة. والدحاق: خروج فم الرحم عند الولادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>