للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه على جودتها لا تبلغ مبلغ لامية العجم في الرصانة، وفيها بعد صدق عظة ونفحات صلاح.

وكانت في مهيار رقة ونسمات من صدق المقال. وقد علا له بذلك، وبطول النفس، صيت حينًا من الدهر وحاكاه جماعة. وكانت في أبي الحين التهامي رنة من جزالة وأجود شعره المرثية:

حكم المنية في البرية جاري ... ما هذه الدنيا بدار قرار

وله غزل لا بأس به وكذلك للبهاء زهير:

ولو جاز أن ننسب إلى قدماء شعرائنا عقدات كما يقال في النفسانيات اليوم مثلًا «عقدة أوديب» لتحدثنا إذن عن عقدة ابن أبي ربيعة وعقدة أبي الطيب وهلم جرا. وكم من مشبه باجتهاده في ترقيق الغزل صاحب حمار أعرج قميء وهو يظن أنه كما قال عمر:

بينما يذكرنني أبصرنني ... دون قيد الميل يعدو بي الأغر

وما أكثر مقلدي أبي الطيب منذ زمان أبي فراس والشريف إلى ما شاء الله سبحانه وتعالى.

وكانت في عمارة اليمني جودة وحرارة ما وآخرين كالأبيوردي ممن ذكر البارودي في مختاراته ومن لم يذكر. لكنه على الجملة قد خلا مكان الجد والصدق في الشعر بعد ثلاثته الكبار- خلا إلا من ضرب واحد من القصائد، هو وحده الذي صح له أن يخلف قصيدة المدح وما كان في مستواها من روائع شعر الأوائل من قدماء ومحدثين وما أجمع أهل العلم والنقاد على تقديمه من جياد حبيب وأبي عبادة وأبي الطيب والنادر الملحق بهن كلاميتي الطغرائي وابن الوردي ورائية التهامي.

ذلك الضرب الواحد الفريد هو قصيدة مدح الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. فنذكر للقارئ الكريم فيما يلي كلمة عن ذلك إن شاء الله وهو المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>