للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخران طويلان يليانه على هذا الترتيب، ولا يحدث في ذلك تغيير إلا بحسب ما تقتضيه الصناعة من طلب التنويع وتجنب الرتابة. وأقل ما يقال عنه إنه بحر بسيط النغم، مطرد التفاعيل، منساب، طبلي الموسيقا. ويصلح لكل ما فيه تعداد للصفات، وتلذذ بجرس الألفاظ وسرد للأحداث في نسق مستمر. والناظم فيه لا يستطيع أن يتغافل عن دندنته فهي أظهر شيء فيه، ولذلك فتجويد الصناعة فيه أمر مهم جداً. وكثير من الشعراء الفحول يتحامونه لأنه يتطلب اندفاع وراء النغم كما يندفع التيار في غير ما توقف. وعز أن تجد شيئاً منه عند النابغة أو زهير أو أبي تمام أو الأخطل. والبحتري يقل منه، ويعامله معاملة البحور القصار فيعبث فيه ويهزل كما في كلمته [ديوانه ١٠٧: ١ [.

تظن شجوني لم تعتلج ... وقد خلج البيت من قد خلج

وقد سلمت له فيه قصيدة حسنة] ٥١: ١ [مطلعها:

لوت بالسلام بناناً خضيبا ... ولحظاً يشوق الفؤاد الطروبا

والمتنبي يتعاطاه فيجيد، لأن في مزاجه ضرباً من الاندفاع. وتلمح نوعاً من هذا وفي كلمته:

أصبحا نرى أم زماناً جديداً ... أم الدهر في شخص كي أعيدا

وكلمته:

إلام طماعية العاذل ... ولا رأي في الحب للعاقل

يراد من القلب نسيانكم ... وتأبي الطباع على الناقل

وكلمته:

أرى ذلك القرب صار ازورارا ... وصار طويل الكلام اختصاراً

<<  <  ج: ص:  >  >>