أن تخفي على السمع، وبعضها واضح يدركه السمع لأول وهلة، كما في قوله امرئ القيس:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
وكقول الآخر (المفضليات):
أقيموا بني النعمان عنا صدوركم ... وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا
فالأول في حشو صدره نقص. والثاني في عجزه زيادةٌ تسمى ترك الاعتماد. وكثيرًا ما يحذف الشعراء أول حرف متحرك في الطويل، كواو العطف مثلاً، وهذا يسمى الخرم، ومثله قول المتنبي:
لا يحزن الله الأمير فإنني ... سآخذ من حالاته بنصيب
فهذا البيت يقيمه أن تقول:
ولا يحزن الله الأمير إلخ
ولكن هذا مبدأ الكلام ولا حاجة للواو. وبعد فهذه تفاصيل لا يحتاج إليها الأديب إلا قليلاً. وبحسب المرء أن يدرك جملة الوزن، فإن اختلّ فيه شيء يسير فذلك أمر موكول إلى الذوق. وقد كان الجاهليون لا يبالون بالاختلال اليسير في الطويل خاصة وبحسبك أن تنظر في «قفا نبك» المعلقة لترى حقيقة ذلك.
وكان البحتري من المتأخرين يحاكي الجاهلين في هذا التساهل من غير ما إسراف كما في قوله (١):
نزور أمير المؤمنين ودونه ... سهوب البلاد رحبها ووسيعها