للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن فيها عقارًا قرقفًا ... نش من الدن فالكأس رذوم (١)

في كل ممس لها مقطرة ... فيها كباء معد وحميم (٢)

لا تصطلي النار بالليل ولا ... توقظ للزاد بلهاء نئوم

أرقني الليل برق ناصب ... ولم يعني على ذاك حميم

وليلةٍ بتها مسهرةٍ ... قد كررتها على عيني الهموم

لم أغتمض طولها حتى انقضت ... أكلؤها بعد ما نام السليم (٣)

ولهذه الكلمة نظائر في الشعر القديم. وقد مات هذا الزون في العهد الإسلامي، وهجره المحدثون الى عصرنا هذا. وقد ندت آذانهم عن نغمه، وصار الإتيان به مستقيمًا منتظمًا شيئًا عسيرًا عليهم. وفي الحق إنه وزن بدوي قريب من الزجر، لا يختلف عنه الا في تحريف في النغمة الوسطى.

ومع أن هذا الوزن قد مات في الفصيح منذ العهد العباسي، فإنه لا يزال يستعمل في اللهجة السودانية الدارجة، مع إسقاط الإعراب (مستقل فعل أو فاعل مستقل) مثاله:

شي لله برجالة البركل ... السهرانه الليل ما بتكسل (٤)

التمساح تمساحًا جسر ... وامره عليكم ما بتعسر


(١) رذوم: ملأى، تسيل من أطرافها.
(٢) المقطرة: إناء يوضع فيه عود الطيب ويحرق. والكياء: من أعود الطيب.
(٣) السليم: الذي لدغته الحية.
(٤) البيتان من قصيدة للمادح الشايقي الحاد الماحي، ذكر فيها شأن تمساح هائل كان أتعب الناس، فاستعدوا أولياء الله على شره، فخرج من البحر، وسقط ميتًا بالعراء، من غير أن يقتله أحد. وهذه الأبيات يذكر فيها الحاج الماحي دعاءه للأولياء. شي لله: لله دركم. البركل: موضع تمساحًا بالتنوين والنصب، وهذا كثير في عامية السودان. ما بتعسر: لا يعسر ولا يصعب.
هذا، وأمثلة هذا الشعر كثيرة في السودان.

<<  <  ج: ص:  >  >>