(١) هَذه أكبرُ من أختها، وذلك لأنَّه أراد أن يتوسط به إلى الله تعالى؛ والله ﷻ لم يَجْعَلْ بَيْنَهُ وبينَ عباده واسطةً، قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ وأمَّا ما تدعو إليه هذه المقالة الشَّنعاء فهي دعوى الجاهلية فكأنه يدعو إلى عبادة نفسه، فصاحب هذه المقالة أحدُ الطواغيت بلا شك، وكأنَّه ينهى عن إخلاص الدِّين للهِ ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾، وختمها الله بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)﴾ [الزمر]، وأنا لا أشكُّ لَحْظَةً وَاحِدَةً أنَّ مثلَ هَذَا الكلام مكذوبٌ على مَعْرُوفٍ الكرخيِّ ﵀ فإذا كان أهلُ الزِّيغ والضَّلال على مرِّ العُصُورِ قد كَذَبُوا على الله وكذَّبُوا رُسَلَهُ، وَكَذَبُوا على نَبِيِّنَا محمَّدٍ ﷺ ووَضَعُوا عليه الأحاديث الكثيرة العدد جدًّا التي لم يقلها فكيف لا يكذب اتباع الطُّرق من أهل التَّخريف -وعادتهم الكذب- على مَنْ يعتقدون بولايتهم كالشيخ المذكور، ويلفقون عليهم الأقوال والحكايات التي يستحيل وقوعها شَرْعًا وعَقْلاً؟!، ويستحيل أيضًا أن تَصِحَّ عمِّنْ يَعْتَقِدُون فيهم الولاية، وخَاصَّة من المتقدمين الدِّين يغلب عليهم الزُّهد والوَرَع، مع التَّمسُّك بجَوْهَرِ الدَّين والعَقِيْدَةِ، ممَّن لم يشتهر عنهم شَطَحَاتٌ ظاهرةٌ مخالفةٌ للشرع. والعَجَبُ الذي لا يَنْتَهِي من القاضي ابن أبي يعلى كيف يَنْقُلُ مثل هذه الحكايات الظَّاهرة الفَسَاد ولا يُعلق عليها بشيءٍ يدفعها إن كان هكذا وجدها في مصادره؟!، فإذا أحسَنَّا به الظَنَّ قلنا: إنَّه يأنس بها، غَفَرَ اللهُ لَهُ، وَعَفَا عنا وعنه، وسيأتي بعد ذلك من الأخبار التي رواها في=