وهو شخصيَّةٌ علمية فَذَّةٌ، قَلَّ أن يجودَ الزَّمانُ بمثلِهِ ﵀، فهو الفقيهُ، المُحدِّثُ، الأدَيبُ، الشَاعرُ، الوزيرُ، نديمُ المُلُوكِ، والظَّرِيْفُ، صاحبُ الطَّرائِفِ والعَجَائِبِ، وأحدُ حُكَمَاءِ الإسلام، كما كان جدُّه أكثمُ بن صَيْفِيِّ أحدَ حُكَمَاءِ العرب في الجاهلية، ونظرًا إلى هذه المنزلةِ الرَّفيعةِ التي تبوَّأها كَثُرَ حُسَّادُهُ والنَّاقِمِيْنَ عليه، وأُلْصِقَتْ فيه التُّهم والمَعايب، فلا تَلتفت إلى ما يُقال عنه، فهو مستقيمُ الدِّين والعقيدة، وَتَوثيق الإمام أحمد له هنا يؤكِّدُ ما قُلتُ، وينفي عنه كل تهمةٍ، ويَبرِّؤه من كلِّ ما زُنَّ به، وتحتفل كتبُ التَّراجم، والأخبار، والأدب، وسياسة المُلُوك بذكر أخباره وطرائفه، وما ذكرته قليلٌ من كثيرٍ، ولو سُخلت أخبارُهُ ومناقبُهُ لجاءت في مجلَّدٍ ضَخْمٍ، ودليلي على ما قلت: ما روى الحافظ الذَّهبيُّ في "تاريخ الإسلام" عن الحاكم قال: "من نَظَرَ في كتاب "التَّنبِيْهِ" ليَحْيَى بن أكثم عرف تقدُّمَهُ في العُلُومِ" وقال طلحةُ الشَاهدُ: "كان واسعَ العِلْمِ بالفِقْهِ، كثيرَ الأدَب، حَسَنَ المُعَارَضَةِ، قائِمًا لكل مُعْضِلَةٍ، غَلَبَ على المأمونِ حَتَّى لم يتقدَّمْهُ أحَدٌ عندَهُ من النَاسِ جميعًا مع