للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَاضِيًا على أَهْلِ البَصْرَةِ، وبَقِيَ سَنَةً لَا يَقْبَلُ بِهَا شَاهِدًا، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ والِدُ أَبِي حَازِمٍ القَاصُّ، وكانَ أَحَدُ الأُمَنَاءِ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا القَاضِي، قَدْ وَقَفْتِ الأمُوْرُ وتَرَيَّثَتْ؟ قَالَ: وَمَا السَّبَبُ؟ فَقَالَ: في تَرْكِ القَاضِي قَبُوْلَ الشُّهُوْدِ، قَالَ: فَأَجَازَ في ذلِكَ اليَوْمِ شَهَادَةَ سَبْعِيْنَ شَاهِدًا. ولَقِيَ رَجُلٌ يَحْيَى بنُ أَكْثَم - وهو على قَضَاءِ القُضَاةِ - فَقَالَ لَهُ: أَصْلَحَ اللهُ القَاضِيَ، كَمْ آكُلُ؟ قَالَ: فَوْقَ الجُوع، ودُوْنَ الشِّبَعِ، قَالَ: فَكَمْ أَضْحَكُ؟ قَالَ: حَتَّى يُسفِرَ وَجْهُكَ، ولَا يَعْلُو صَوْتُكَ، قَالَ: فَكَمْ أَبْكِي؟ قَالَ: لَا تَمِلّ البُكَاءَ مِنْ خَشْيَةِ الله، قَالَ: فَكَمْ أُخْفِي مِنْ عَمَلِيْ؟ قَالَ: مَا استَطَعْتَ، قَالَ: فَكَمْ أُظْهِرُ مِنْهُ؟ قَالَ: مَا يَقْتَدِي بِكَ البَرُّ الخَيِّرُ، ويُؤْمِنُ عَلَيْكَ قَوْلَ النَّاسِ.

ومَاتَ بالرَّبَذَةِ مُنْصَرَفِهِ من الحَجِّ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذي الحِجَّةِ (١) سَنَةَ اثْنَتينِ وأَرْبَعِيْنَ ومَائَتينِ، وسِنُّهُ ثَلَاثٌ وثَمَانُوْنَ سَنَةً.

قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ (٢): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُؤادٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ المَأْمُوْنِ في طَرِيقِ الشَّامِ، فأَمَرَ فَنُوْدِي بَتَحْلِيْلِ المُتْعَةِ، فَقَالَ لِي يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ لي


= والإكمال لابن ماكولا (٤/ ٣٩١)، والتَّوضيح لابن ناصر الدِّين (٥/ ٣٧٧).
(١) هل يمكن ذلك؟ وانِقضَاءُ الحجِّ للمُتَعَجِّل اليوم الثاني عشر من ذي الحجة. والرَّبَذَةُ من منازل الحاج مشهورةٌ، وهي بعيدة عن مكة، كانت مَدِيْنَةٌ مُزْدَهِرَةً فخربت. معجم البُلدان (٣/ ٢٧) وكَشَفَت عن آثارها بعثةُ جامعة الملك سُعُود (كلية الآداب - قسم الحضارة) ولديهم معلوماتٌ وآثارٌ وكشوفٌ مهمة جدًّا، ونشروا عنها سِجِلًا ضَخْمًا باسم (الرَّبَذَة) ولشيخنا حمد الجاسر -حفظه الله- قبل وبعد ذلك رحلات إليها وكتابات عنها جزاه الله خيرًا.
(٢) هو اليَمَامِيُّ واسمه محمد بن القاسم (ت ٢٨٣ هـ) صاحب النوادر والطرائف، مشهورُ.