للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و"حَدَّثنَا" (١). وَقَالَ إِبْرَاهيمُ الحَرْبِيُّ - وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدَ -: كَأَنَّ الله قَدْ جَمَعَ لَهُ علمَ الأوَّلْينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، يَقولُ مَا يَرَى، ويُمْسِكُ مَا شَاءَ. وقَالَ أَبو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: حَزَرْنَا حِفْظَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بالمُذَاكرةِ عَلى سَبْعِمَائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ. وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: كَانَ أَحمدُ يَحْفَظُ أَلْفَ أَلْفٍ، فقِيلَ لَهُ: ومَا يُدْرِيْكَ؟ قَالَ: ذاكرتُهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهُ الأبوابَ.

وأَمَّا الخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ، وَهي قَولُهُ: "إِمَامٌ فِي الفِقْهِ" فالصِّدْقُ فيه لائحٌ، والحَقُّ (٢) واضِحٌ؛ إذْ كَان أَصلَ الفِقْهِ كتابُ اللهِ وسُنَّةُ رسُولِهِ وأَقْوالُ صَحَابَتِهِ، وبَعْدَ هذه الثَّلاثَةِ القِيَاسُ، ثُمَّ قَدْ سُلِّمَ لَهُ الثَّلاثُ، فالقِيَاسُ تابعٌ؛ وإِنَّمَا لم يَكُنْ للمُتَقَدِّمينَ من أئِمَّةِ السُّنَّةِ والدِّيْنِ تَصْنِيْفٌ في الفقهِ، ولا يَرَوْنَ وَضْعَ الكُتُبِ ولا الكلامَ، إِنَّما كَانُوا يَحْفَظُونَ السُّنَنَ والآثارَ، ويَجمَعونَ الأخْبَارَ، ويفتُون بهَا، فَمَنْ نَقَلَ عَنْهُمُ العلمَ والفقهَ كان روايةً يَتَلقَّاهَا عَنْهُم، ودِرَايةً يتَفَهَّمَهَا مِنْهُم، ومَنْ دَقَّقَ النَّظَرَ، وحَقَّقَ الفِكْرَ، شَاهَدَ جَمِيع مَا ذكرتُهُ.

وأَمَّا نَقَلَةُ الفِقْهَ عَن إِمَامِنَا أَحْمَدَ فَهُمْ أَعْيَانُ البُلْدَانِ، وأَئِمَّةُ الأزْمَانِ، مِنْهُم؛ ابْنَاهُ صَالِحٌ وعَبْدُ اللهِ، وابنُ عَمِّه حَنْبَلٌ، وإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ الكَوْسَجُ المَرْوَزِيُّ، وأَبُو دَاودَ السِّجِسْتَانيُّ، وأَبُو إسْحَاقَ إِبْرَاهيمُ الحَرْبِيُّ، وَأبُو بَكْرٍ الأثْرَمُ، وأَبُو بَكْرٍ المَرَّوْذِيُّ، وعَبدُ الملكِ المَيْمُونِيُّ، ومُهَنَّى الشَّامِيُّ،


(١) في النُّسخ كلِّها ما عدا (ط): "حدَّثنَا وأَخبرنا"؟!.
(٢) في (ط) فقط: "والحقُّ فيه واضحٌ".