للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعْلَمْ أَنَّه إِنَّمَا جَاءَ هَلَاكُ الجَهْمِيَّهُ أَنَّهُم (١) فَكَّرُوا في الرَّبِّ ﷿، فأَدْخَلُوا: لَمْ؟ وكَيْفَ؟ وتَرَكُوا لأثَرَ، وَوَضَعُوا القِيَاسَ، وقَاسُوا الدِّيْنَ عَلَى رَأيِهِمْ، فَجَاءُوا بالكُفْرِ عَيَانًا لَا يَخْفَى إِنَّهُمْ كَفَرُوا وكَفَّرُوا الخَلْقَ، واضْطَرَّهُمْ الأمْرُ إِلَى أَنْ قَالُوا بالتَّعْطِيْلِ، قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ -مِنْهُم أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ-: الجَهْمِيُّ كَافِرٌ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، حَلَالُ الدَّمِ، لَا يَرِثُ وَلَا يُوْرَثُ؛ لأنَّه قَالَ: لَا جُمْعَةَ، ولَا جَمَاعَةَ، ولَا عِيْدَيْنِ، وقَالُوا: مَنْ لَمْ يَقُلْ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فَهْوَ كَافِرٌ، واسَتَحَلُّوا السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، وخَالَفُوا مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وامتَحَنُوا النَّاسَ بِشيْءٍ لَمْ يَتكلَّمْ فِيْهِ رَسُوْلُ الله ، ولَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وأَرَادُوا تَعْطِيْلَ المَسَاجِدِ والجَوَامِع. وأَوْهَنُوا الإسْلَامَ، وعَطَّلُوا الجِهَادَ، وعَمِلُوا في الفُرْقَةِ، وخَالَفُوا الآثَارَ، وتَكَلَّمُوا بالمَنْسُوْخِ، واحتَجُّوا بالمُتَشَابِهِ، فَشَكَّكُوا النَّاسَ في أَدْيَانِهِمْ، واخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ وقَالُوا: لَيْسَ [هُنَاكَ] (٢) عَذَابُ قَبْرٍ، ولَا حَوْضٌ (٣)، وَلَا شَفَاعَةَ، والجَنَّةُ والنَّارُ لَمْ يُخْلَقَا، وأَنْكَرُوا كَثيْرًا مِمَّا قَالَ رَسُوْلُ الله ، فاسْتَحَلَّ مَنِ استَحَلَّ تَكْفِيْرَهُمْ ودِمَائَهُمْ مِنْ هَذَا الوَجْهِ؛ لأنَّه مَنْ رَدَّ آيةً مِنْ كِتَاب اللهِ فَقَدْ رَدَّ الكِتَابَ كُلَّهُ، ومَنْ رَدَّ حَدِيْثًا عَنْ رَسُوْلِ الله ، فَقَدْ رَدَّ الأثَرَ كُلَّهُ، وهُوَ كَافرٌ بالله العَظِيْمِ، فَدَامَتْ لَهُمُ المُدَّةُ، وَوَجَدُوا مِنَ السُّلْطَانِ في ذلِكَ


(١) في (ط): "من أنَّهم".
(٢) في (ط): "فقط".
(٣) في الأصول: "ولا حوضًا".