للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ محمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْميُّ النَّحْوِيُّ: وَهَذَا مَا لَا يُحْفَظُ لأحَدٍ قَبْلَهُ ولَا بَعْدَهُ، وكَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ لِلُغَةٍ، وَنَحْوٍ، وشِعْرٍ، وتَفْسِيْرٍ، وقُرْآنٍ، فَحُدِّثْتُ أَنَّه كَانَ يَحفَظُ عِشْرِيْنَ ومَائَةَ تَفْسِيْرٍ من تَفَاسِيْرْ القُرْآنِ بِأسَانِيْدِهَا (١).

وَقَالَ لنا أُبُو العَبَّاسِ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ آيةً من آياتِ الله في الحِفْظِ.

وَقَالَ لنَا أبو الحسن (٢) العَرُوْضِيُّ: كَانَ يَتَرَدَّدُ ابنُ الأنْبَارِيِّ إِلَى أَوْلَادِ الرَّاضِي، فَكَانَ يَوْمًا منَ الأيَّامٍ، وقَدْ سَألتُهُ جارية عن شَيْءٍ مِنْ تَفْسِيْرِ الرُّؤْيَا؟ فَقَالَ: أَنَا حَاقِنٌ، ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ عَادَ، وَقَدْ صَارَ مُعَبِّرًا للرُّؤْيَا، وذَاكَ أّنَّه مَضَى مِنْ يَوْمِهِ، وَقَدْ دَرَسَ كِتَابَ الكَرْمَانِيِّ وَجَاءَ.

قَالَ: وكانَ ابنُ الأنْبَارِيِّ يَأْخُذُ الرُّطَبَ يَشُمُّهُ، ويَقُوْلُ: أَمَا إِنَّكَ لَطَيِّبٌ، وَكَانَ أَطْيَبُ مِنْكَ حِفْظَ مَا وَهَبَ اللهُ لِي مِنَ العِلْمِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ: وَمَاتَ ابنُ الأنْبَارِيِّ وَلَمْ نَجِدْ مِن تَصْنِيْفِهِ إلَّا شَيْئًا يَسِيْرًا، وذَاكَ أَنَّه كَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ. وَقَدْ أَمْلَى كِتَابَ "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ"، قَيْلَ: إِنَّه خَمْسٌ وأَرْبَعُوْنَ أَلْفَ وَرَقَةٍ، وَكِتَابَ "شَرْحِ الكَافِي" وهو نَحْو أَلْفِ وَرَقَةٍ، وكِتَابَ "الهَاءَات" وهو نَحْوَ أَلْفِ وَرَقَةٍ، وكِتَابَ "الأضْدَادِ" وَمَا رَأَيْتُ أَكْبَرَ مِنْهُ، وكِتَابَ "المُشْكِل" أَمْلَاهُ، وبَلَغَ إلى سُوْرَةِ طَهِ ومَا أَتَمَّهُ. و"الجَاهِلَيَّاتِ" تِسْعُمَائة وَرَقَةٍ، و"المُذَكَّرَ والمُؤنَّثَ" مَا عَمَلَ أَحَدٌ أَتمَّ مِنْهُ، وعَمِلَ رِسَالَةَ "المُشْكِلِ" رَدًّا عَلَى ابنِ قُتَيْبَةَ وأَبِي حَاتِمٍ وتَقَصَّا لِقَوْلهمَا.


(١) هذه مبالغة.
(٢) في (ط): "أبو الحسين" تحريفٌ ظاهر. وقد تقدَّم ذكره.