للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَتَبَ إِلِيَّ عَلِيُّ بنُ محمَّد بن المُسَبِّحِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أُرِيْتُ في مَنَامِي كأَنَّ قَائِلًا يقولُ لِي: مَاتَ في هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَحْمَدُ بنْ حَنْبَلٍ فَارِثِهِ، فانَتَبَهْتُ مَرْعُوْبًا، وقُلْتُ: لَعَلَّهُ بِدْعَةٌ تَظْهَرُ، وسُنَّةٌ تَمُوْتُ، فَوَاللهِ مَا كَانَ إلَّا أَيَّامٌ قَلائِلُ، فَوَصَلَتْنِي مُكَاتَبَةُ القَاضِي أَبِي عَلِيٍّ يَعْقُوْبَ (١) بوفَاةِ الإمَامِ أَبِي يَعْلَى (٢) في اللَّيْلَةِ التي رَأَيْتُ فِيْهَا المَنَامَ، قَالَ: وَذَكَرْتُ قَوْلَ القَائِلِ "إرثِهِ" فَقُلْتُ مَا لَمْ أَرْضَهُ. ومَازَلْتُ. حتَّى قُلْتُ هَذِهِ الأبْيَاتِ:

مَاتَ السَّدَى والنَّدَىَ والمَجْدُ والكَرَمُ … والعَالِمُ اليَقِظُ المُسْتَبِصِرُ العَلَمُ

مَاتَ الإمَامُ أَبُو يَعْلَى الَّذِي نُدِبَتْ … لِفَقْدِهِ الكَعْبَةُ الغَرَّاءُ والحَرَمُ

يَا أَيُّهَا العَالِمُ الحَبْرُ الَّذِيْ كَسَفَتْ … شَمْسُ الهُدَى بَعْدَهُ بَلْ عَادَهَا الظُّلَمُ

لَوْلاكَ مَا كَانَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا … مَعْنًى ولا عَرَفَتْ طُرْقَ الهُدَى الأُمَمُ (٣)

وَلا رُوِي عَنْ رَسُولِ اللهِ مَأْثَرَةٌ … ولَا قَضَي بِصَحِيْحٍ غَيْرَ فِيْكَ فَمُ

لَمْ يَبْلُغِ الحَنْبَلِيُّ الحَبْرُ مَرْتَبَةً … إلَّا عَلَى رَأْسِهَا مِنْ جِسْمِكَ القَدَمُ

أَوْضحْتَ سُبْلَ الهُدَى مِنْ بَعْدَمَا دَرَسَتْ … عَنِ الوَرَى فَفَدَتْكَ (٤) العُرَبُ والعَجَمُ

مَادَتْ بِنَا الأرْضُ وارْتُجَّتْ بِسَاكِنِهَا … لَمَّا قُبِرْتَ وَكَادَ الدِّيْنُ يَنْهَدِمُ

فَلْنَذكر الآن شَذْرَةً من آدَابِهِ وَوَرَعِهِ. سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ النَّهْرِيَّ (٥) قَالَ:


(١) ساقط من (ط) والقاضي أبو عليٍّ هو البَرْزَبِيني ذكره المؤلِّف رقم (٦٨٣).
(٢) ساقط من (ط).
(٣) هذه مبالغة غير مقبولة.
(٤) في (ط): "فقدتك".
(٥) هو عليُّ بن المُبارك (ت بعد ٤٨٠ هـ) وهو أحد تلاميذ القاضي ذُكِرَ في موضعه رقم (٦٩١).