للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كُنْتُ في بعضِ الأيَّامِ أَمْشِي مَعَ القَاضِي وَالِدُكَ فالتَفَتُّ، فَقَالَ لِي: لَا تَلْتَفِتُ (١) إِذَا مَشَيْتَ. فَإِنَّه يُنْسَبُ فَاعِلُ ذلِكَ إلى الحُمْقِ.

قَالَ النَّهْرِيُّ: وقَالَ لِي وَالِدُكَ يَوْمًا آخرَ، وأَنَا أَمْشِي مَعَهُ: إِذَا مَشَيْتَ مَعَ مَن تُعَظِّمُهُ، أَيْنَ تَمْشِي مِنْهُ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ: عن يَمِيْنِهِ، تُقِيْمُهُ مَقَامَ الإمَامِ في الصَّلَاةِ، وتُخَلِّي له الجَانِبُ الأيْسَرُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْثِرَ أَوْ يُزِيْلُ أَذىً جَعَلَهُ في الجَانِبِ الأيْسَرِ.

وقَالَ النَّهْرِيُّ أَيْضًا: لمَّا قَدِمَ الوَزِيْرُ ابنُ دَارسْتَ عَبَرْتُ أُبْصِرُهُ، فَفَاتَنِي دَرْسُ ذلِكَ اليَوْمِ، فَلَمَّا حَضَرْتُ قُلْتُ: يَا سَيِّدِنَا تَتفَضَّلُ وتُعِيْدُ لِي الدَّرْسَ؟ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ في أَمْسِنَا؟ فَقُلْتُ: مَضَيْتُ أَبْصَرْتُ ابنَ دَارَسْتِ. فأَنْكَرَ عَليَّ ذلِكَ إِنْكَارًا شَدِيْدًا، وقَالَ: وَيْحَكَ، تَمْضِي وتَنْظُرُ إلى الظُّلْمَةِ؟ وعَنَّفَنِي عَلَى ذلِكِ، ورَوَى عَن النَّبِيِّ أنَّه قَالَ: "النَّظَرُ إلَى الظَّالِمِيْنَ يُطْفِئُ نُوْرَ الإيْمَانِ" أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: وَكَانَ يَنْهَانَا دَائِمًا عن مُخَالَطَةِ أَبْنَاءِ الدُّنْيِا والنَّظَرِ إِلَيْهِم، والاجتماعِ بِهُمْ، ويَأُمُرُنَا بالاشتِغَالِ بالعِلْمِ، ومُخَالَطَةِ الصَّالِحِيْنِ.

وسَمِعْتُ خَالِي عَبْدَ اللهِ (٢) يَقُولُ: حَضَرْتُ مَعَ القَاضِي الإمَامِ وَالِدِكَ في دَارِ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ (٣)، بعدَ مَجِيء طُغْرُلبك، وقَدْ أَنْفَذَ إِلَيْهِ غَير


(١) في (ط): "تلفت".
(٢) ساقط من (ط) وخاله عبد الله بن جابر ذكره المؤلِّف ترجمة رقم (٦٩٢).
(٣) تقدم ذكره وهو ابن المسلمة.