للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَهَذَا القَدْر الَّذِي ذَكَرْتُهُ إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ مَنَاقِبِ الوَالِدِ السَّعِيْدِ. وَلَقَدْ أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ، والعُلَمَاءُ، وأَصْحَابُ الحَدِيْثِ والقُرَّاءُ، والأُدَبَاءُ والفُصَحَاءُ، وسَائِرُ النَّاسِ - عَلَى اخْتِلافِهِمْ - على صِحَّةِ رَأَيِهِ، وَوُفُوْرِ عَقْلِهِ وحُسْنِ مُعْتَقَدِهِ، وجَمِيْلِ طَرِيْقَتِهِ، ولُطْفِ نَفْسِهِ، وعُلُوِّ هِمَّتِهِ، وزُهْدِهِ (١)، وَوَرَعِهِ، وتَقَشُّفِهِ، ونَزَاهَتِهِ، وعِفَّتِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ جُمِعَتْ لَهُ القُلُوْب، فَإِنَّه رُوِيَ عن محمَّد بن وَاسِعٍ: أِنَّه قَالَ: "إِذَا أَقْبَلَ العَبْدُ بِقَلْبِهِ إلى اللهِ تَعَالَى، أَقْبَلَ إِلَيْهِ بِقُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ".

فَلْنَخْتِم الآن أَخْبَارَ الوَالِدِ السَّعِيْدِ، الَّذِي مَنَّ اللهُ الكَرِيْمُ عَلَيْهِ بعلْمِ الفِقْهِ، وتَعْلِيْمِهِ، وتَدْرِيْسِهِ، وتَصْنِيْفِهِ أَفْضَلِ العُلُوْمِ، وأَجْزَلِهَا للثَّوَابِ المَقْسُوْمِ، وأَوْلاهَا بصرفِ الفَكْرِ إِلَيْهِ، وَوَقْفِ الرَّأْي الصَّائِبِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّه العُرْوَةُ الوَثْقَى، والمَحَجَّة (٢) المُثْلَى، الدَّالَةُ على طَاعَةِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وأَدَاءِ مُفْتَرَضَاتِهِ، والتَّمْييزُ بِهِ بينَ مُحَرَّمَاتِهِ ومُحَلَّلاتِهِ، والوُقُوْفُ على حُدُوْدِهِ ومَعَالِمِهِ، وشُرُوْطِهِ ومَرَاسِمِهِ. وإِنَّ ربحَهُ الجَنَّةُ، وخُسْرَانَهُ النَّار. رَوَى أَنَسُ بنُ مَالِكٍ (٣) قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الله : "العُلَمَاءُ أُمَنَاءُ الرُّسُلِ عَلَى عِبَادِهِ مَا لَمْ يُخَالِطُوا السُّلْطَانَ، ويَدْخُلُوا في الدُّنْيَا، فَإِذَا خَالَطُوا السُّلْطَانَ،


(١) ساقط من (ط).
(٢) في (ط): "الحجة".
(٣) في (ط): "" والحديث لا يصحُّ، يُراجع: الموضوعات لابن الجوزي (١/ ٢٦٣).