للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى أَبُو مُوْسَى (١)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ، ولَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ".

وَكَانَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ - نَوَّر الله ضرِيْحَهُ - قَدْ اجْتَمَعَ فيه مَا رَوَاهُ ابنُ عَبَّاسٍ. قَالَ (٢): "قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ الله، أَيُّ مَجْلِسِنَا خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ ذَكَّرَكُمْ باللهِ رُؤَيَتَهُ، وزَادَ في عَمَلِكُم مَنْطِقُهُ، وذَكَّرَكُمْ الآخِرَةَ بِعِلْمِهِ".

وهَذَا بَعْضُ مَنَاقِبِه وفَضَائِلِهِ، وَمَا هُوَ شَائِعٌ لَهُ بينَ النَّاسِ مِنْ زُهْدِهِ وعِلْمِهِ أَكْثَرُ، فَأَغْنَانَا عَنْ أَنْ نُسَطِّرَهُ، وَلَوْلا أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ رَآهُ وعَاصَرَهُ، وحَضَرَ مَجْلِسَهُ وَنَاظَرَهُ، قَدْ دَرَجَ وانْقَرَضَ، لَمَا ذَكَرْنَا هَذِهِ الشَّذَرَاتِ مِنْ مَنَاقِبِهِ، إِذْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ مَدْحَنَا، والإنْسَانُ لَا يَمْدَحُ نَفْسَهُ.

ولَعَلَّ نَاظِرًا في هَذَا الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ وسَطَّرْنَاهُ، يَقُوْلُ: كَيْفَ استَجَازَ (٣) مَدْحَ وَالِدِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وهو الأصْلُ، ومَدْحُ الأصْلِ مَدْحٌ للفَرْعِ؟ فَنَقُوْلُ (٤): إِنَّمَا حَمَلَنَا عَلَى ذلِكَ كَثْرَةُ قَوْلِ المُخَالِفَيْنَ، ومَا يُلْقَوْنَ إِلَى تَابِعِيْهِمْ مِنْ الزُّوْرِ والبُهْتَانِ، ويَتَخَرَّصُوْنَ عَلَى هَذَا الإمَامِ من التَّحْرِيْفِ والعُدْوَانِ، وكَانَ لَنَا في ذلِكَ رُخْصَةٌ، قَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا الأنْبِيَاءُ والأوْلِيَاءُ رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِم وسَلامُهُ.


(١) بعدها في (ط): "الأشعري " والحديث رواه البخاري (٦١٦٨، ٦١٦٩)،
ومسلم (البرِّ والصِّلة ١٦٥).
(٢) التَّرغيب والترهيب للمنذري (١/ ١١٢).
(٣) في (جـ): "استخار".
(٤) ساقط من (جـ).