للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكَانَ حَضَرَ قَبْلَ ذلِكَ دَرْسَ وَالِدِهِ السَّعِيْدِ، وعَلَّقَ عَنْهُ. وكَانَ يَحْضُرُ مَجَالِسَ النَّظَرِ في الجُمَعِ وغَيْرِهَا، ويَتَكَلَّمُ في المَسَائِلِ مَعَ شُيُوْخِ عَصْرِهِ. وَكَانَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ يَأْتَمُّ بِهِ في صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ إلى أَنْ تُوُفِّيَ -رَحْمَةُ اللهِ- عَلَيْهِ (١)

وَهْوَ الَّذِي تَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَى الوَالِدُ السَّعِيْدُ بجَامِعِ المَنْصُوْرِ. وتَقَدَّمَ عَلَى شُيُوخِ الطَّوَائِفِ، وكانَ ذَا عِفَّةٍ ودِيَانَةٍ وصِيَانَةٍ. وَكَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بالجَرْحِ والتَّعْدِيْلِ وأَسْمَاءِ الرِّجَالِ والكُنَى، وغَيْرِ ذلِكَ. وقَرَأَ القُرْآنَ بالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ على الشُّيُوخِ الَّذِيْن انْتَهَى الإسْنَادِ إِلَيْهِمْ، مثلِ: ابنِ الخَيَّاطِ، وابنِ البَنَّا، وأَبِي الخَطَّابِ الصُّوْفيُّ، وأَحْمَدَ ابن الحَسَنِ اللِّحْيَانِيِّ.

ولَمَّا ظَهَرَتِ البِدَعُ في سَنَةِ تِسْعِ وستِّيْنَ وأَرْبَعَمَائَةَ (٢) هَاجَرَ مِنْ بَلَدِنَا إِلَى حَرَمِ اللهِ. وكَانَتْ وَفَاتُهُ في مُضِيِّهِ إِلَى مَكَّةَ، بمَوْضِعٍ يُعْرَفُ بـ"مَعْدَنِ النَّقِرَةِ" (٣) في أَوَاخِرِ ذِي القَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. فتُوُفِّيَ ولَهُ سِتُّ وعِشْرُوْنَ سَنَةً وثلاثةُ أَشْهُرٍ ونَيِّفٌ وعِشْرُوْنَ يَوْمًا تَقْرِيْبًا.


(١) في (ب): "عليهما".
(٢) في الذَّيل لابن رَجَبٍ: "ولَمَّا ظَهَرَت فِتْنَة ابنِ القُشَيْرِيِّ خَرَجَ إلى مَكَّة … " وهذه الفتنةُ مَشْهُورةٌ ذكرَهَا ابن الجوزيِّ في المتظم (٨/ ٣٠٥)، وابن الأثير في الكامل (١٠/ ١٠٤)، ومرآة الجنان (٣/ ٩٧).
(٣) مُعجم البُلدان (٥/ ٣٤٥) قال: "رَوَاهُ الأزْهَرِيُّ بفتح النُّون، وكَسْرِ القَافِ، وقال ابنُ الأعْرَابِيِّ: كُلُّ أَرْضٍ مُتَصَوِّبةٍ في وهدةٍ فهي (نَقِرَةٌ) وبها سُمِّيت النَّقِرَةَ بطريق مَكَّةِ التي يقال لها: (مَعْدن النَّقِرَةِ) وهذَا هو المعتمد عليه في اسم هذه البقعة. ورواه بعضهم بسكون القاف .. وهو من مَنَازِل حَاجِّ الكوفةِ بينَ أُضَاخ ومَاوَان … ". ويُراجع: تهذيب اللُّغة للأزهري.