للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَعْضِ الأوْقَاتِ تَارَةً مُذَنِّبًا، وتَارَةً مُسْتَدِلًّا إلىَ سَنَةَ تِسْعٍ وستِّينَ.

فَوَصَلَ إلى مَدِيْنَةِ السَّلَامِ، بالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَلَدُ القُشَيْرِيِّ (١)، وأَظْهَرَ على الكُرْسِيِّ مَقَالَةَ الأشْعَرِيِّ، ولَمْ تَكُنْ ظَهَرَتْ قَبْلَ ذلِكَ عَلَى رُؤُوْسِ الأشْهَادِ، لِمَا كَانَ يَلْحَقُهُمْ من أَيْدِي أَصْحَابِنَا وقَمْعِهِمْ لَهُمْ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيْهِ، وأَنْكَرَهُ غَايَةَ الإنْكَارِ، وعَادَ إلَى نَهْرِ المُعَلِّى مُنْكِرًا لِظُهُوْرِ هَذِهِ البِدْعَةِ، وقَمعِ أَهْلِهَا، فاشتَدَّ أَزْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وقَوِيَتْ كَلِمَتُهُمْ، وأَوْقَعُوا بأهْلِ هَذِهِ البِدْعَةِ دَفَعَاتٍ، وكَانَتْ الغَلَبَةُ لِطَائِفَتِنَا؛ طَائِفَةِ الحَقِّ.

فَلَمَّا أَدْحَضَ اللهُ تَعَالَى مَقَالَتَهُمْ، وكَسَرَ شَوْكَتَهُمْ، عَظُمَ ذلِكَ على رُؤُسَائِهِمْ، وأَجْمَعُوا للهَرَبِ والخُرُوْجِ عن بَلَدِنَا إلى خُرَاسَانَ. فَبَلَغَ ذلِكَ وَزِيْرُ الوَقْتِ (٢) فَقَالَ: مَا الَّذِيْ حَمَلَكُمْ علَى ذلِكَ؟ فَأَظْهَروا الشَّكَايَةَ مِمَّا قَدْ تَمَّ عَلَيْهِمْ، فَوَعَدَهُمْ بأَنْ يَكْفِ عَنْهُمْ ذلِكَ، واجْتَمَعُوا ودَبَّرُوا عَلَى حُضُوْرِ (٣)


(١) هو عبدُ الرَّحيم بن عبد الكريم بن هَوازن القُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ المُتَكَلِّم (ت ٥١٤ هـ) صاحبُ الفتنة التي قامت بين الحنابلة والأشعرية التي تقدمت الإشارة إليها في التَّرجمة السابقة. وكان ابن القُشيري هذا مُتَعَصِّبًا للأشاعرة يكثر من الغَضِّ من شأن الحنابلة والحَطِّ عليهم، فكان سَب الفتنة التي حُمِل فيها السِّلاح، ومات بسببها أناسٌ. أخباره في سير أعلام النُّبلاء (١٩/ ٤٢٤) وغيره.
(٢) هو الوَزِيْرُ نِظَامُ المُلك الحسن بن عليّ بن إِسحق الطُّوسِيُّ (ت ٤٨٥ هـ). يُراجع: المنتظم (٩/ ٦٤)، والتَّدوين في أخبار قزوين (٢/ ٤١٩) وسير أعلام النُّبلاء (١٩/ ٩٤)، والشَّذرات (٣/ ٣٧٣).
(٣) في (ب): "حُصُول".