للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْخِنَا الشَّرِيْفِ عِنْدَهُمْ، فأَنْفَذَ إِلَيْهِ وَزِيْرُ الوَقْتِ، فَقَالَ: قَدْ عَرَضَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاوَرَتِكَ فِيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ إلى بَابِ العَامَّةِ عَدَلُوا بِهِ إلى دَارٍ في القُربَةِ (١)، قَدْ أُفْرِدَتْ لَهُ، ومُنِعَ مُعْظَمُ الأصْحَابِ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ، وكَانُوا (٢) قَدْ تَخَرَّصُوا علَيْهِ، ورَفَعُوا إِلَى إِمَامِ الوَقْتِ الكَذِبَ والزُّوْرَ والبُهْتَانَ، في أَشْيَاءَ لَا يَحْتَمِلُ كِتَابُنَا ذِكْرَهَا، قَدْ نَزَّهُ الله تَعَالَى مَذْهَبَنَا وَشَيْخَنَا عَنْهَا، ولَمْ يَزَلْ عِنْدَهُمْ مُدَّةَ أَشْهُرٍ، وكَانُوا قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِ أَشْيَاءَ مِنْ دُنْيَاهُمْ فَلَمْ يَقْبَلَهَا، ولَمْ يَأْكُلْ لَهُمْ طَعَامًا مُدَّةَ مُقَامِهِ عِنْدَهُمْ، ودَاوَمَ الصِّيَامَ في تِلْكَ الأيَّامِ، ودَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ من تِلْكَ الأيَّامِ، فَرَأَيْتَهُ يَقْرأُ في المُصْحَفِ، فَقَالَ لِي: قَالَ اللهُ تَعَالَى (٣): ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ تَدْرِي مَا الصَّبْرُ؟ فَقُلْتُ: لَا. فَقَالَ: هُوَ الصَّوْمَ، ولَمْ يُفْطِرْ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُ المَرَضُ نِهَايَتَهُ.

وَكَانَ يُكْثِرُ الدَّرْسَ للقُرْآنِ، فَلَمَّا ثَقُلَ مَرَضُهُ، وضَجَّ النَّاسُ مِنْ حَبْسِهِ أُخْرِجَ إِلَى الحَرِيْمِ الطَّاهِرِيِّ (٤) بالجَانِبِ الغَرْبِيِّ، فَمَاتَ هُنَاكَ. وكَانَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ -في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فيه- قَدْ أَوْصَى بَأَنْ يَغْسِلَهُ الشَّرِيْفُ أَبُو جَعْفَرٍ، فَحَضَرَ وتَوَلَّى ذلِكَ بِنَفْسِهِ، وعَرَفَ ذلِكَ (٥) الإمَامُ القَائِمُ بأَمْرِ الله، فَلَمَّا


(١) في (ط) وأصلها (أ): "في القرية".
(٢) في (ب): "وكان".
(٣) سورة البقرة، الآية: ٤٥.
(٤) في (ط) وأصلها (أ): "الظَّاهري" وإنَّمَا هو الطَّاهري بالطاء المهملة نسبة إلى طاهر بن الحُسين الوزير، يُراجع: معجم البُلدان (٢/ ٢٨٩) وهو حيٌّ مشهورٌ جدًّا.
(٥) في (ب): "فعرف الإمام … ذلك".