للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العَرَبِ جَارَةٌ لنَا رَهَنَتْ طِرَازًا (١) لَهَا عندَ قَوْمٍ على أنْ يَستَأدُوا الغَلَّةَ، ويَحْسِبُوا لَهَا، قالَ: فاستَأْدَوُا حَتَّى استَوْفَوا مَا كَانَ لَهُم، فطَالَبَتْهُم بالطِّرازِ، فقَالُوا: الطِّرازُ لَنَا، والشِّرَاءُ شِرَاؤنَا، فصَارُوا إلى شَرِيْكٍ، وشَهِدَ الشُّهُوْدُ عندَ شَرِيْكٍ بأَنَّه شِرَاءٌ، فَوَجَّهَ شَرِيْكٌ إلى السُّكَّانِ أَن أَوْقِفُوا الغَلَّةَ حتَّى يَأْتِيَكُم أَمْرِي، ثُمَّ وَجَّهَ فَسأَلَ عَن الشُّهُودِ؟ فَعَدَّلُوهُمْ فَحَكَمَ للَّذِي ادَّعَى أَنَّه شِرَاءٌ، وحَكَمَ وكَتَبَ على المَرْأَةِ بالقَضِيَّةِ، فقَامَتِ المَرْأَةُ إلى شَرِيْكٍ، فقَالَتْ لَه: أيْتَمَ اللهُ وَلَدَكَ، وقَطَعَ أَرْزَاقَهُم مِنَ السَّماءِ، كَمَا قَطَعْتَ رِزْقَ وَلَدِي، فَوَقَعَ في قَلْبِ شَرِيْكٍ مِنْ قَولهَا مَا أَزْعَجَهُ وأَقْلَقَهُ، فَبَعَثَ إِلَى جَارٍ لَهُ يَلبَسُ خَزًّا وهَطرًا -يَعْنِي الصُّوفَ والقُطنَ- فاستَعَارَ كِسَاءَهُ ولَبِسَهُ، وجاءَ إلى ذلِكَ الطِّرَازِ، فقَالَ لِلْحَائِكِ الَّذي فيه: أَتأْذَنُ لي أَن أَدْخُلَ أَتَبَرَّدُ عِنْدَكَ؟ فأَذِنَ لَهُ الحَائِكُ بالدُّخُوْلِ، فَدَخَلَ، فَسَأَلهُ شَرِيْكٌ عن خَبَرِ الطِّرَازِ؟ فَقَالَ لَهُ: كُنَّا في حَدِيثِ هَذَا الطِّرازِ قبلَ دُخُوْلِكَ إِلَيْنَا، وذلِكَ: أَنِّي سَاكنٌ في هَذَا منذُ ثَلاثينَ سَنَةً، وهو لامرأَةٍ مِنَ العَرَبِ احتَاجَتْ، فَرَهَنْتُه عندَ هَؤُلَاءِ القَوْم عَلَى أَنْ يأخُذُوا من الغَلَّةِ ما أَعْطَوْهَا، ثُمَّ يُطْلِقُوا لَهِا الطِّرَازَ،


= ترجمته في: أخبار القُضَاة (١/ ١٤٩)، والجرح والتَّعديل (٤/ ٣٦٥)، وسير أعلام النُّبلاء (٨/ ١٧٨)، وميزان الاعتدال (٢/ ٢٧٠)، وغيرها، مات سنة (١٧٧ هـ).
(١) الطِّرَازُ: بالكَسْرِ عَلَمُ الثَّوبِ، فارسيُّ معرَّبٌ، كَذَا قال المُحِبِّي في قَصْدِ السَّبِيْلِ (٢/ ٢٥٥) وقال: "وموضع يُنْسَجُ فيه ثيابٌ جَيِّدَةٌ". أقول: وهذَا هو المَقْصُوْدُ هُنَا؛ وَهَذِهِ المرأة كانت تُأجِّره حَتَّى احتاجت إلى رَهْنِهِ … وَتَسْمِيَةُ المَحَلِّ طِرَازًا والطِّرازُ -في الأصْلِ للثَّوب .. - من المَجَازِ، من إطلاق الحَالِّ وإرادةِ المَحَلِّ. ومثلُهُ في اللُّغةِ كثيرٌ وَعَكْسُهُ ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾.