للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوَدٍ، أو ابتَدَعَ بِدْعَةً بِغَيْرِ سُنَّةٍ" فَقَرَنَ ذلِكَ بقَتْلِ النَّفْسِ، ولَعْنَةِ اللهِ والمَلَائِكَةِ وقَالَ الشَّعْبِيُّ: "مَا حَدَّثُوْكَ عَنْ رأَيِهِمْ فأَلْقِهِ في الحُشِّ" (١).

وقَالَ عُمَرُ بنُ عبدِ العَزيزِ: "إِيَّاكَ وَمَا أَحْدَثَ المُحْدِثُوْنَ؛ فإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ بِدْعَةٌ إلَّا وَقَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيْلٌ عَلَيْهَا، وعِبْرَةٌ مِنْهَا، فَعَلَيْكَ بلُزُوْمِ السُّنَّةِ؛ فإِنَّها لَكَ -بإِذْنِ الله- عِصْمَةٌ، وإِنَّ السُّنَّةَ، إِنَّمَا سَنَّها مَنْ قَدْ عَلِمَ ما جَاءَ في خِلَافِهَا من الخَطَأِ والزَّلَلِ والحُمْقِ والتَّعَمُّقِ، وارْضَ لنَفْسِكَ بِمَا رَضِيَ به القَوْمُ لأنْفُسِهِمْ؛ فإِنَّهُم عن عِلْمٍ وَقَفُوا وببَصَرٍ نَاقِدٍ كُفُوا، ولَهُم على كَشْفِ الأمُورِ كَانُوا أَقْوَى، وبِفَضْلٍ -لَوْ كَانَ فيها- أَحْرَى، إِنَّهُمْ لَهُمُ السَّابِقُون، فَلَئِنْ كَانَ الهُدَى ما أَنْتُم عَلَيْهِ فَقَدْ سَبَقْتُمُوْهُمْ إِلَيْهِ، وإِنْ قُلْتُمْ: حَدَثَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُم، ما أَحْدَثَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيْلِهِمْ، ورَغِبَ بنَفْسِهِ عَنْهُمْ، ولَقَدْ تَكَلَّمُوا مِنْه بِمَا يَكْفِي، وَوَصَفُوا مِنْه ما يَشْفِي، فَمَا دُوْنَهُم مُقَصِّرٌ، ولا فَوْقَهُم مُحَسِّرٌ، لَقَدْ قَصَّرَ دُونَهُم أَقْوَامٌ فَجَفَوْا، وَطَمَحَ آخَرُوْنَ عَنْهُم فَغَلَوْا، وإِنَّهُم مَعَ ذلِكَ لعَلَى هُدى مُسْتَقِيْمٍ".

وقَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ (٢): "لأنْ يَعِيشَ الرَّجُلُ جَاهِلًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقوْلَ


(١) الحُشُّ: مَكَانُ قضاءِ الحَاجَةِ وهو في الأصل البُستان. قال أبو عُبَيْدٍ في "غريب الحديث" (٤/ ١٠): "أَمَّا الحُشُّ فالبُستَانُ، وفيه لغتان؛ الحُشُّ والحَشُّ [بضمِّ الحاءِ وفتحها] وجَمْعُهُ: حُشَّانُ وإنَّمَا سُمِّي مَوضِعُ الخَلَاءِ حُشًّا بهذَا؛ لأنَّهم كانوا يقضُون حَوَائجَهُم في البَسَاتين".
(٢) هو القاسمُ بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصديق القُرشِيُّ التَّيْمِيُّ، أبو مُحَمَّدٍ، ويُقال: أبو عَبْدِ الرَّحمن المَدَنِيُّ (ت ١٠٨ هـ) تابعيٌّ، محدِّثٌ، ثِقَةٌ. من خِيَارِ التَّابعين وفقهائهم. أخبارُهُ في: طبقات ابن سعد (٥/ ١٨٧)، وتاريخ خليفة (٣٣٨)، وطبقاته (٢٤٤)، وتهذيب الكمال (٢٣/ ٤٢٧)، =