للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَجَعَ وتَابَ على رُءُوْسِ النَّاسِ؟ فقَالَ: بَلَى، وَلكنْ مَازَالَ مُبْغِضًا لأهْلِ الحَدِيْثِ، بَعْدَ كَلَامِهِ ذَاكَ إلى أَنْ مَاتَ، ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنّهُ أُدْخِلَ عليَّ محمَّدِ ابن هَارونَ ثُمَّ قَالَ لِي: [تَعْرِفُ مُحَمَّد] (١) بنَ هَارُونَ؟ قُلْتُ: نَعَم أَعْرِفُهُ، قَالَ: فلمَّا رَآهُ زَحَفَ إِلَيْهِ وجَعَلَ مُحَمَّدٌ يَقُوْلُ لَهُ: [يا ابنَ عَم] (٢)، تَتَكَلَّمُ في القُرآن؟! قالَ: وَجَعَلَ إِسْمَاعيْلُ يَقُولُ: جَعَلَهُ اللهُ فِدَاهُ، زَلَّةٌ من عَالِمٍ، جَعَلَهُ الله فدَاهُ، زلَّةٌ من عَالمٍ، رَدَّدَهُ أَبُو عبدِ الله غيرَ مرَّةٍ، وفَخَّم كَلَامَهُ، كأَنَّه يَحْكِي إسماعيل. ثُمَّ قَالَ لي أَبُو عبدِ الله: لعلَّ اللهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ بِهَا -يَعْنِي لمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ- ثُمَّ رَدَّدَ الكَلَامَ وقَالَ: لعلَّ اللهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ لإنْكَارِهِ على إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: هو ثَبْتٌ -يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ- قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الله إِنَّ عبدَ الوَهَّابِ (٣) قَالَ: لا يُحِبُّ قَلْبِي إِسْمَاعِيْلَ أَبَدًا، لَقَدْ رَأَيْتُهُ في المَنَامِ كَأَنَّ وَجْهَهُ أَسْوَدُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: عَافَى اللهُ عَبْدَ الوَهَّابِ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ مَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ يَخْتَلِفُ، فأَدْخَلَنِي على إِسْمَاعِيْلَ، فَلَمَّا رآنِي غَضِبَ وَقَالَ: مَنْ أَدْخَلَ هَذَا عَلَيَّ؟ فَلَمْ يَزَلْ مُبْغِضًا لأهْلِ الحَدِيْثِ بَعْدَ ذَاكَ الكَلَامِ، لَقَدْ لَزِمْتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ إلَّا أَنْ أَغِيْبَ، ثُمَّ جَعَلَ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ، كَأنَّه يَتَلَهَّفُ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ لا يُنْصِفُ في الحَدِيْثِ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ لا يُنْصِفُ؟ قَالَ: كَانَ يُحَدِّثُ بالشَّفَاعَاتِ، مَا أَحْسَنَ الإنْصَافَ في كلِّ شَيْءٍ.


(١) في (ب) و (جـ) و (د): "ابن هارون" وفي "تاريخ بغداد": "ثم قال لي ابن هارون".
(٢) في تاريخ بغداد: "يابن .. يابن .. ".
(٣) عبدُ الوَهَّابِ هذَا -يَظهر لي والله أعلم- أَنَّه الثَّقَفِيُّ السَّابق ذكره.