للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبدِ الله أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، ومَعَهُ غُلَامٌ حَسَنُ الوَجْهِ. فَقَالَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: ابْنِي. فَقَالَ أَحْمَدُ: لا تَجِئْ بِهِ مَعَكَ مَرَّةً أَخْرَى، فَلمَّا قَامَ قيلَ:- أَيَّدَ اللهُ الشَّيْخَ- رَجُلٌ مَسْتُورٌ، وابنُهُ أفْضَلُ مِنْهُ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: الَّذِي قَصَدْنَا إِلَيْهِ من هَذَا ليس (١) يَمْنَعُ منه سِتْرُهُمَا، على هَذَا رَأَيْنَا أَشْيَاخَنَا، وبه خَبَّرُوْنَا عن أَسْلَافِهِمْ. وقال جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ (٢): قال الجُنَيْدُ ذاتَ يَوْمٍ: ما أَخْرَجَ اللهُ إلى الأَرْضِ عِلْمًا وَجَعَلَ لِلْخَلْقِ إِلَيْهِ سَبِيْلًا إلاَّ وقَدْ جَعَلَ لي فِيْهِ حَظًّا ونَصِيْبًا

وَقَالَ الخُلْدِيُّ: بَلَغَنِي عن الجُنَيْدِ: أَنَّه كانَ فِي سُوقِهِ، وكانَ وِرْدُهُ في كلِّ يَومٍ ثَلاثمائة رَكْعَةٍ وثَلاثين ألفَ تَسْبِيْحَةٍ (٣).

قَالَ: وسَمِعْتُ الجُنَيدَ يَقُوْلُ: مَا نَزَعْتُ ثَوْبِي للفِرَاشِ منذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَة، وقَالَ الجُنَيْدُ: سَأَلَنِي السَّرِيُّ السَّقْطِيُّ ما الشُّكْرُ؟ فَقُلْتُ: أَنْ لا يُسْتَعَانُ بِنِعَمِهِ على مَعَاصِيْه، فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، وقَالَ الجُنَيْدُ: كُنتُ يَوْمًا


(١) في (ب): (وليس).
(٢) تقدَّم ذكره مرارًا لكن هذا الموضع هو الأليق بالتعريف به، فهو: جعفر بن مُحَمَّد بن نَصِيْرِ بن القَاسم الخَوَّاصُ الخُلْدِيُّ ت (٣٤٨) هـ منسوبٌ إلى الخُلْدِ محلَّةٌ ببغداد، من مشايخ الصُّوفية، صحب الجُنَيْدَ (الأنساب: (٥/ ١٦١). نسبه كذلك الجُنَيْدُ، وكان يقولُ: "والله ما سكنتُ الخُلْدَ، ولا سَكَنَ أحدٌ من آبائي؟! ".
(٣) العمل الصَّحيح والاجتهاد في العبادة هو باتباع سنة مُحَمَّد . وكان يَنَامُ ويقومُ … فهل الجُنيد أو غيره أكثر عبادة، وأشد حرصًا عليها من الرَّسول ، فإذا كان هذا هديه، فما عداه ضلالة، وهذه الأخبار وأمثالها من وضع الأتباع على هؤلاء الزُّهَّاد، فهي -في الغالب- لا تثبت نسبتها إليهم.